قبل ربع قرن أو أكثر شاعت عبارة «فخر الصناعة الوطنية» لتكون قفلة لمعظم الدعايات والإعلانات التجارية العربية، فكلما أنتجت دولة «شبشب» بلاستيك..أو بسكويت «ويفر» أو حتى ليفة حمام بمقبضين كتبت عليه فخر الصناعة الوطنية..
أمريكا هي الأخرى تتباهي بــ»فخر الصناعة الوطنية» خاصتها، فقد دأبت على تصنيع طائرة تعبّر عن قوتها السياسية والعسكرية لتكون طائرة الرئيس وقمة هرم الدولة، فقامت قبل أكثر من نصف قرن بتصنيع طائرات «أير فورس ون»..هذا النوع من الطائرات ظل يحوم كطيف هستيري في مخيّلة مخرجي افلام الآكشن وهواة كشف الغموض..يتخيّلون شكلها من الداخل والأسرار التي تحملها في طيات الصفيح، يتخيّلون حجم ونوع الأسلحة التي يحملها هذا الطائر المصفّح دن ان يمسكوا بطرف واحد للحقيقة...
الطائرة الرئاسية «ايرفورس ون» هي غرفة عمليات حربية وسياسية في آن معاً..ففي عام 1963 وبعد 98 دقيقة من اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي، تم تنصيب نائبه ليندون جونسون على متنها..وتم عقد مؤتمرات صحافية على نفس الطائرة للرئيس الجديد، كما حملت جثمانه بعد وفاته، ونقلت جثمان نيسكون كذلك.
عام 1990 دشّن جورج بوش الأب طائرة جديدة من ذات الطراز وما زال يستخدمها اوباما حتى اللحظة ومن المتوقع ان تتوقف عن الخدمة في نهاية 2023 حيث تم تجهيز طائرة للمرحلة المقبلة التي ستكون أكثر اتساعاً، وقادرة على قطع 7800 ميل دون توقف او تزوّد من الوقود، يتمتع هيكل الطائرة بطبقة تحميه من الإشعاعات الكهرومغناطيسية الناتجة عن الانفجار النووي، ومنظومة حماية مذهلة من الصواريخ بمختلف قدراتها..
جدير بالذكر أن الطائرة الرئاسية مساحتها 4000 قدم مربعة وتتكون من ثلاثة طوابق، الأول: جناح رئاسي من غرفة نوم ومكتب وحمام، وغرف نوم لعائلة الرئيس، الطابق الثاني: غرفة اجتماعات ومسرح وغرف مستشارين، الطابق الثالث :للحرس والمرافقين والمساعدين العسكريين الذين يحملون الشيفرات النووية..
**
الحمد لله في الوطن العربي ليسوا بحاجة الى طائرات بهذا الحجم، ليس تواضعاً ولا زهداً ولا تقشّفاً، ولكن...لأن الوطن العربي عبارة عن طائرة رئاسية..فالطابق الأول من الوطن..جناح للرئيس ومن يصطحب، والطابق الثاني لاجتماعاته وترفيهه، والثالث للمنتفعين...والشعوب مجرد دمى تتحرك بخيطان العيش الشفّافة على مسرح الحدث...بعد ان تسليهم وتضحكهم...تتهاوى وتموت...
الرأي