اليمن .. كل شيء دمر إلا الحوثيين و"داعش"
28-10-2015 09:24 PM
عمون - نفذ التحالف العربي عملية جديدة لإنزال أسلحة للمقاتلين الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي في جنوب تعز، في حين استمرت الغارات على مواقع الحوثيين في صنعاء والحديدة وتعز وإب وصعدة.
ودخلت عاصفة الحزم منذ يومين شهرها الثامن، لكن نتائج تلك العمليات العسكرية لم تكن بمستوى التوقعات، فالحوثيون واتباع الرئيس السابق على عبدالله صالح مازالوا قادرين على الصمود في حين يدفع الملايين ثمنا باهضا لهذه الحرب التي لا تلوح في الأفق مؤشرات على انتهائها.
صحيح أن العمليات العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية استطاعت تحرير معظم محافظات جنوب اليمن من سيطرة الحوثيين وقوات صالح، لكن الحرب في المقابل دمرت كل شيء من مدراس، وطرقات وجسور ومباني ومستشفيات ووفرت مناخا ملائما لازدهار الجماعات الدينية كداعش والتيارات السلفية والحوثيين أيضا.
مع بدء العمليات العسكرية قيل أن الحرب لن تزيد على ثلاثة أشهر، لأن إطالة أمدها ليس من مصلحة اليمنيين في المقام الأول والذين يعانون أصلا من مشاكل سياسية واقتصادية وأمنية متعددة، ولا من مصلحة دول التحالف لأن الإطالة ستجعل اليمن مستنقعا للسعودية يصعب عليها الخروج منه.
اليوم والحرب تدخل شهرها الثامن فيما الحوثيون وصالح مستمرون في تحدي قوات التحالف، ويخوضون مواجهات في أكثر من منطقة، ويوزعون الخراب في أرجاء البلد الذي كان يوما مثالا للسعادة الكونية، في حين يدفع أكثر من 21 مليون يمني ثمنا باهظا- لتلك المغامرة التي قادت هؤلاء للانقلاب على السلطة المعترف بها دوليا- من دمائهم وممتلكاتهم، وسيحتاجون إلى مليارات الدولارات وعقود من الزمن لإعادة بناء ما خربته الحرب ومدة أطول لترميم التشققات الاجتماعية التي ضربت النسيج الوطني، وأحيت نوازع جهوية ومذهبية مقيته.
منذ ثلاثة أشهر مضت وبعد طرد الحوثيين وقوات صالح من عدن ولحج وأبين، لم يحقق التحالف إي انتصار جديد باستثناء الانتصار الوحيد في مأرب حيث تم تأمين عاصمة المحافظة في حين ما يزال القتال دائرا في 3 من المديريات يسيطر عليها الحوثيون وقوات الرئيس السابق.
الحال كذلك في تعز، إذ أن قوات التحالف اكتفت بالسيطرة على جزيرة بريم التي تتحكم بمضيق باب المندب، وجزء من الشريط الساحلي المقابل، واعتمدت على البوارج الحربية في قصف مواقع وتجمعات الحوثيين في ميناء المخا دون أن يواكب ذلك أي تقدم على الأرض، كما ترك للمسلحين المؤيدين للرئيس هادي مواجهات الكر والفر مع الحوثيين وقوات صالح وسط مدينة تعز ومناطق ريفية أخرى، واقتصر دور التحالف على الغارات الجوية.
بقراءة سريعة لمجريات القتال سنجد أن التحالف تفوق عسكريا وبشكل كبير في الجو والبحر على الحوثيين وتمكن من تدمير جزء كبير من ترسانة الأسلحة التي جمعها الرئيس السابق، لكن على الأرض ما يزال هناك عجز واضح في إدارة المعركة البرية إما بسبب الخشية من وقوع خسائر كبيرة في صفوف قوات التحالف في حال توغلها في المرتفعات الجبلية لليمن، أو لأن التشكيلات المسلحة المناهضة للحوثيين لم تتحول بعد إلى جيش نظامي تزول معه مخاوف تزويدهم بالأسلحة الثقيلة والعتاد العسكري، بعد التجربة المريرة للتحالف في محافظتي عدن وأبين ولحج حيث ذهب جزء من الأسلحة الثقيلة إلى جماعات غير نظامية وأخرى متطرفة.
معلوم أن الخطاب المذهبي، يساعد على ازدهار الجماعات المتطرفة، وهذا ما هو حاصل اليوم حيث تتغذى الجماعات السلفية وداعش وأخواتها على بقاء وقوة الحوثيين، وهو أمر يحرص عليه هؤلاء جميعا حيث زاد رتم هذا الخطاب وتعددت الفعاليات المرتبطة به على حساب الخطاب الوطني، كما برز خطاب جهوي عزز من حالة الانقسام، وعقد من الحلول المتوقعة للوضع اليمني.
ولأن الرئيس السابق لعب دائما على المتناقضات ووظف ورقة الإرهاب لابتزاز حلفائه في السعودية والولايات المتحدة، فإنه أيضا ما يزال يستخدم هذه المتناقضات في المواجهة الحالية، إذ أصبح اليوم الحليف الوثيق للحوثيين الذين حاربهم أكثر من خمس سنوات، كما يتهم من قبل الحكومة بتحريك ورقة داعش بهدف إيجاد انقسام بين دول التحالف، ولإخافة هذه الدول والعالم معها بأن هذا التنظيم الإرهابي ومعه الجماعات المتشددة هي البديل في حال تم القضاء عليه وحلفائه.
يخطئ التحالف إذا توجه نحو تأمين الحدود السعودية والشريط، الساحلي وراهن على إيجاد حرب أهلية طويلة داخل اليمن، لأن من شأن ذلك القضاء الفعلي على إي آمال استعادة الدولة في البلاد، وسيفتح الباب أمام الجماعات الدينية بمختلف توجهاتها لتتصدر المشهد، وتبدو في الأفق البعيد مؤشرات على إمكانية حدوثة، فتقدم القوات السعودية ومعها القوات الإمارتية والقطرية نحو تأمين المحافظات الحدودية مع المملكة والاكتفاء حتى الآن بالسيطرة على المناطق الساحلية لمحافظة تعز وتشديد العمليات العسكرية في سواحل محافظتي الحديدة وحجة لا تعكس سوى رغبة السعوديين في إبعاد خطر الحوثيين وصالح عنهم والتخلص أيضا من عبء بقاء الحكومة اليمنية في الرياض.
وإذا ما قدر لهذا التوجه أن يتم وتعود الحكومة إلى عدن لممارسة أعمالها ومن ثم إدارة حرب داخلية مع الحوثيين وصالح، فإن اليمن مقدم على حروب طويلة الأمد، ستتوشح برداء مذهبي وجهوي، بمقدورها أن تمنع إقامة دولة مركزية، وأن تدفع بهذا البلد إلى مستنقع القتال الطائفي الذي أصاب أكثر من بلد ومزق كيانه.
محمد الأحمد/ روسيا اليوم .