الانتخابات الاميركية في عمان
سامي الزبيدي
03-06-2008 03:00 AM
يتمنى البعض أن يكون ناخبا اميركيا ليدلي بصوته في الخريف المقبل ليسهم في اختيار الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة، وهذا التمني لدى البعض ينبع من الإحساس بان تأثير الرئيس المقبل سيصل إلى كل زوايا الأرض بما فيها الأردن.
قبل أيام زار وفد من الكونجرس الاميركي الأردن فعاد الوفد مصدوما من هول المفاجأة: رسميون أردنيون يخشون نجاح اوباما ويتمنون نجاح خصمه ماكين، وعاد الوفد دون أن يستطيع فك تشفير هذا الموقف.
إزاء ذلك كيف يرى الأردنيون المغرمون بعقد المقارنات حظوظ المرشحين ، وكيف يصطف \"الناخب الأردني\" الافتراضي في السباق المحموم نحو البيت الأبيض خصوصا وان المستقبل السياسي للبعض مرتهن بنتائج الانتخابات هناك ؟
لا شك أن تأثير السحر الذي يطبع شخصية المرشح الديمقراطي باراك حسين اوباما وصل إلى عمان، ويتحدث المتابعون عن خطيب مفوه ورجل حالم يؤمن بان التغيير في أميركا يمكن أن يسهم إسهاما أساسيا في تغيير وجه العالم، و بالتالي يطوي ثمانية أعوام من التشنج و الصراع والحروب التي خاضها فريق من مدمني النفط والدم أثبتت الأيام فشل رؤاهم ورؤى مريديهم، في المقابل فان جون ماكين المرشح الجمهوري له من المؤيدين العدد الكبير خصوصا وان هذا السياسي المحافظ ينوى استكمال تخريب الشرق الأوسط وتطوير آليات الفوضى المنظمة فيه.
المفارقة الملفتة أن دعاة التغيير في الأردن يأملون ويروجون لنجاح المحافظ ماكين باعتبار أن هذا الأخير يمثل امتدادا لنهج الرئيس الحالي جورج بوش في حين من يوصفون بالمحافظين في الأردن يأملون نجاح اوباما لعل المنطقة تشهد انفراجات ولو بالحدود الدنيا.
الانقسام يجري كذلك على مستوى آخر في الانحيازات لهذا المرشح أو ذاك ، فالكثير من الرسميين يأملون نجاح ماكين ربما لأنهم رتبوا اولوياتهم على نمط من السياسات الاميركية في الإقليم بحيث يخشى هؤلاء من أن أي تغيير محتمل في السياسة الاميركية تجاه منطقتنا سيستدعي بالضرورة تغيير الوجوه هنا وبالتالي فالليبرالي هنا يتمنى نجاح المحافظ هناك ليبقى برنامجه متواصلا.
لقد زار ماكين العراق في آذار الماضي وكذلك زار إسرائيل وتعهد بان يواصل الضغط على إيران وان ينقل السفارة الاميركية من تل أبيب إلى القدس والاهم من كل ذلك فان سياسته تجاه المنطقة برمتها ستبقى امتدادا لسياسة سلفة في حال نجاحه، أما اوباما فانه لا يجد حرجا في محاورة حماس وإيران وسوريا، وهو أمر لا يلقى هوى لدى بعض الليبراليين.
ثمة نظرية حول المصالح الأردنية في ميزان الانتخابات الاميركية يروجها \"ليبراليون\" هنا في الأردن وهي بشقين اقتصادي وسياسي:
في الجانب الاقتصادي تقول النظرية أن مصالحنا في نجاح ماكين الجمهوري وليس اوباما الديمقراطي، وفي التبرير أن نجاح اوباما سيقلل من حجم المخاطر التي يتعرض لها الرأسمال العربي في أميركا وبالتالي فان وصول ديمقراطي إلى البيت الأبيض سيكون بمثابة إعلان يتمثل بعودة الرساميل العربية إلى هناك وبالتالي تخسر المنطقة - والأردن بضمنها - فرصة لتوطين تلك الأموال، أما لو نجح ماكين فان المخاطر ستبقى على حالها مما يجبر تلك الرساميل على الاستثمار في الإقليم وبالتالي يأخذ الأردن حصته منها.
في الجانب السياسي يرى أصحاب النظرية أن الجدار النفسي الذي بني بين دول \"الاعتدال\" ودول \"الممانعة\" يصعب اختراقه وبالتالي فان نجاح اوباما من شأنه تشكيل حالة من الحرج لأصدقاء أميركا أما في حال نجاح ماكين فان المشهد لن يتغير كثيرا عما هو حاصل الآن.
بقي أن أشير إلى أن بعض الليبراليين الأردنيين يحق له الانتخاب في أميركا، وهو أمر يثلج صدر المرشح ماكين.
samizobaidi@gmail.com