أثار ذهولي وإندهاشي ، ما يقوم به الفتية سواء كانوا ذكورا او اناثا من الشباب الفلسطيني ، في الجولة الدائرة حاليا بينهم وبين العدو الصهيوني المجرم دفاعا منهم عن المسجد الأقصى، فكيف كانت المفاجأة المذهلة وغير المسبوقة لكل العالم عندما قامت انتفاضة الحجارة، وهي مقاومة مبتكرة لعدو شرس مدجج بكل انواع السلاح والحقد ، وكان صعبا على العقل أن يتقبل ذلك لولا المشاهدات اليومية والحية التي كنات تبثها شاشات الفضائيات ، التي تنقل الواقع على الأرض للمشاهد وهذا الأمر بدأ مع الانتفاضتين الأولى والثانية وهو مستمر حتى يومنا هذا.
ولكن الشيء المذهل والجديد والغير مسبوق في عالم المقاومة الفلسطينية ، هو الجولة الأخيرة ( جولة السكاكين ) ، إذ أن ما نراه هو شيء يشبه الخيال ،ولولا النقل الحي والمباشر على مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات ، لما كان هذا الذهول والاعجاب من الشجاعة والقوة والجرأة المتوفرة عند هؤلاء الفتية ابتداءا من السن الرابع عشر.
فهذا الانسان المتخم بالوطنية والارتباط بالأرض والذي يرفض كل أنواع الظلم والذل والقهر الناتج عن وجود هذا العدو الصهيوني والمحتل لأرض فلسطين التاريخية، مثل معجزة يعجز عن وصفها القلم، فهذا السن الصغير من الفتية لا يمكن أن يكون الدافع هو التنظيم السياسي كما هو الحال في الشباب الأكبر سنا ، والملتزم بالمقاومة المنظمة التي ترعاها الفصائل الفلسطينية بكل توجهاتها.
إن حمل السلاح في المقاومة او العمليات الاستشهادية بواسطة الحزام الناسف أو غير ذلك ، أسهل بكثير على الانسان المعبأ دينيا ونفسيا والمدرب على حمل سكين من قبل هذا الفتى ، الذي يهاجم مجموعة جنود مدججين بكل أنواع الأسلحة الاوتوماتيكية ومدربين على أعلى مستويات التدريب العسكري، وبتكاليف مادية عالية جدا لكل جندي مقابل فتى لا يتجاوز السادسة عشرة من عمره ، ومسلح بسكين لا تزيد كلفته عن 2 دولار مع ارادة نادرة وغير مسبوقة ، ومع ذلك نرى الجنود يفرون من أمامه وهو يلحق بهم بكل قوة وشجاعة.
عندما تقارن هؤلاء الفتية في فلسطين مع أقرانهم في الدول الأخرى تجد أن هؤلاء تملؤهم العزة والوطنية ، وهم رجال منذ صغرهم ويتحملون المسؤولية ، وعند استشهادهم أو وقوعهم في الأسر يصبحون أبطالا على مستوى كل وطنهم فلسطين، وعلى مستوى أمتهم العربية والاسلامية والانسانية لأنهم يدافعون عن وجودهم وحقهم ودحر الاحتلال عن وطنهم، وهي فرصة لم تتوفر لغيرهم من أقرانهم حيث أن إهتمامات هؤلاء الأقران محدودة وصغيرة ، وما يميز فتيان فلسطين أيضا أن لهم عدو واضح ولا شبهة في ذلك، وباستشهادهم أو أسرهم يرفعون رؤوس أمتهم جمعاء، ويملؤون قلوبنا بالأمل والتفاؤل ، وعليه فإن هذا الشعب الذي ينجب مثل هؤلاء الفتية هو شعب حي لن يموت ، وفي يوم ان شاء الله سيكون قريبا سنفرح بزوال هذا العدو المجرم المحتل لأرضنا أرض فلسطين التاريخية.
وفي النهاية أعرج على قول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: ( نصرت بالرعب ) وهذا ما هو موجود الآن في صفوف هؤلاء الصهاينة رغم كل أنواع السلاح الذي يملكونه، حيث ملئت قلوبهم بالخوف والرعب ، فيما نرى الطرف الثاني وهو الطرف الفلسطيني فيتمتع بقلوب تنبض بالأمل والتفاؤل و الايمان بالله وواثقة بأن الفرج قريب.
والقول الثاني لرسولنا عليه الصلاة والسلام عندما قال: ( نصرت بالشباب ) فهؤلاء الفتية هم شباب هذا الشعب العظيم صاحب الحضارة الإسلامية.
رحم الله شهداءنا وعافى جرحانا وربط الله على قلوب أهلنا في فلسطين كل فلسطين.