لماذا طلب الملك تركيب كاميرات مراقبة في «الأقصى»؟
خالد فخيدة
26-10-2015 03:36 PM
يبدو ان قرار رئيس الحكومة العبرية بنيامين نتنياهو بالسماح للمصلين من كافة الاعمار في المسجد الاقصى الجمعة الماضية، ساعد وزير الخارجية الامريكي جون كيري في امتصاص غضب جلالة الملك عبدالله الثاني الذي رفض اكثر من طلب لمقابلة من فقد مصداقيته عند الاردن.
وكيري الذي لم يجد غير الاستماع لشروط جلالة الملك لتهدئة الهبة الشعبية ضد الاحتلال في القدس والاراضي الفلسطينية وتعهده بالزام نتنياهو بها، لم يحصل على اجابة ملكية بخصوص استقبال من توسط له في عمان.
وما حمله كيري الى تل ابيت ان كل ما يعني الملك احترام الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس وان لا يكون هناك اي عوائق امام المسلمين لاداء صلواتهم في الحرم القدسي.
ولعل ابرز الشروط التي وافق عليها نتنياهو واعلن عنها علانية موافقته على تركيب كاميرات مراقبة لحماية المصلين من المسلمين من اي اعتداء صهيوني او منع لهم من دخول المسجد الاقصى.
والكاميرات التي ستعمل على مدى 24 ساعة هدفها رصد حركة قوات الاحتلال الاسرائيلية والمتدينين اليهود الذين يتوافدون الى المدينة المقدسة بحجة التعبد عند حائط البراق وسرعان ما تجدهم يقتحمون قبلة الاسلام الاولى وباحاتها تحت الحماية العسكرية.
وما يريده جلالة الملك من هذه الخطوة التي ستضع المقدسات ومرافقها تحت المراقبة، ان تعرف اسرائيل بان اي عربدة او انتهاك لحقوق المسلمين سيكون مرصودا بالصوت والصورة الامر الذي سيدفع بنتنياهو وفريقه الحاكم الى عدم اصدار تعليمات تعيق حرية اي مسلم من التعبد في المسجد الاقصى. الكاميرات التي ستكون تحت ادارة الاوقاف الاردنية وحراسها المعينين لحماية الاقصى ومرافقه ستلجم الاسرائيليين عن المس بكرامة المصلين وتعذيبهم نفسيا كما كنا نشاهد سابقا خاصة في ايام الجمعة.
وفي حال رصدت هذه الكاميرات اي خروق اسرائيلية لتعهدات نتنياهو التي قدمها للملك عبدالله الثاني، فان الامور ستأخذ سياقا مختلفا سيما وان الولايات المتحدة وبدعم من اللجنة الرباعية من اخذت على نفسها الوساطة وتحمل تبعيات اي انتهاكات للشروط الاردنية مقابل التهدئة.
ورسالة الملك التي حملها كيري كانت واضحة، بان الهبة الشعبية من اجل القدس وأقصاها مرهونة بخطوات اسرائيلية تتعهد فيها بعدم الاقتراب من الحرم القدسي او العبث ببنيانه او وضعه الجغرافي والعمراني تحت اي مسمى، وان التزام اسرائيل بالشروط التي وضعها الملك بالتنسيق مع الاشقاء الفلسطينيين كفيلة بان تعيد الهدوء الى الشارع الفلسطيني الذي اوصل بسكاكينه وحجارته انه قادر على المقاومة وانه لا زال متمسكا باغصان السلام.
والاردن الذي التزم بما تعهد به في وادي عربة ومنع غاضبين من الوصول الى السفارة الاسرائيلية في منطقة الرابية غرب العاصمة عمان في اطار الواجب الذي يحتمه عليه التزامه بالاعراف الديبلوماسية الدولية، اكد لاسرائيل بان ما يملكه من اوراق قانونية وسياسية اقوى من اي سلاح او مدفع، وان معاركه مع المحتل يديرها بكل اقتدار في المجتمع الدولي حتى لو كان منحازا لما يسمى امن اسرائيل على حساب الدم العربي والفلسطيني.
ويفترض ان نتنياهو الذي هزت ثورة الشعب الفلسطيني لانقاذ القدس مستقبله في الحكم قد تعلم بان مشروع تقسيم الاقصى لارضاء طغيان المتطرفين اليهود هو بمثابة قرار انتحاره السياسي.
ما يجب ان يعيه الجميع ان الاردن انتصر في معركة حماية الاقصى والحفاظ على الامانة، وان خروج نتنياهو على الملأ ليعلن التزامه بالشروط الاردنية ما هو الا اعلان هزيمة مشروعه ومشروع المتطرفين من اليهود المتدينين بان يكون لهم شبر في الاقصى.
الرأي