السلة الاردنية والعنب الاسرائيلي
المحامي محمد الصبيحي
26-10-2015 02:40 PM
ليس غريبا ولا مفاجئا أن جميع الاطراف الدولية والاقليمية تتحدث عن التهدئة في الاراضي المحتلة ولا مفاجئا أن نتنياهو تحرك خطوة الى الخلف، فالانتفاضة الثالثة تثير رعب الامريكان والاسرائليين وتخلط الاوراق السياسية في المنطقة انهم يحاولون الان التهدئة والسيطرة بكل الوسائل ولذلك يهرول امين عام الامم المتحدة الى المنطقة , ويأتى وزير الخارجية الامريكي مسرعا واذا استمرت الاحداث فسيأتي وزير الخارجية البريطاني والفرنسي والروسي !!
انهم لا يهرعون الينا الا حين يكون امن اسرائيل في خطر
الاثار الامنية والسياسية لانتفاضة ثالثة عارمة ستطيح بالسياسة الامريكية والغربية في المنطقة وقد تشعل الربيع العربي مجددا وستطيح بقيادات فلسطينية مسيطرة على مقاليد القرار الفلسطيني وتاتي بجيل لا يقبل المساومة والمماطلة.. اسرائيل في خطر.. كلهم يعرفون ذلك ويحاولون تجاوز هذا الخطر.
نتنياهو وفي محاولة لاحتواء الاحداث اعلن أنه لا تغيير على الوضع القائم في الاقصى كما وافق على تركيب كاميرات مراقبة للموقع، ومن الجانب الاخر رحب الاردن والسلطة الفلسطينية بذلك حيث وجدا في ذلك حفظا لماء الوجه أمام الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وكالعادة سيعتبر ذلك انتصارا فاسرائيل درجت على تكرار التقدم خطوة الى الامام فاذا ما عادت الى المربع الاول أعتبر الطرف الثاني ذلك انتصارا.
صحيح أن نتنياهو تراجع خطوة باعلانه عدم تغيير الوضع القائم في الاماكن المقدسة ولكنه يواصل تغيير الوضع القائم في القدس الشرقية والاراضي المحتلة ويواصل تغيير الحقائق على الارض بمزيد من المستوطنات ، ومن هنا فالتهدئة تخدم التقدم الاستيطاني في ابتلاع الارض.
لست مقتنعا أن نتنياهو سيخرج من الازمة الحالية بدون مكاسب والا سيخسر شعبيا وانتخابيا وعلى الاقل سمعناه يقول ان (الوضع لن يتغير في جبل الهيكل ) – يصر على تسميته جبل الهيكل – .. دعونا نتذكر أن اقتحامات المستوطنين للأقصى ليست السبب الوحيد أو الرئيس لانتفاضة السكاكين فالسبب الرئيس هو فقدان الفلسطينيين الامل في زحزحة الوضع القائم فلا أمل قريب في الانسحاب ولا فائدة من المفاوضات والاستيطان يتواصل أما الشرارة المباشرة فكانت أحراق المسوطنين لعائلة فلسطينية داخل منزلها حيث استشهدت سيدة و طفليها قبل أكثر من شهر..
ومن هنا فان مجرد التهدئة بدون برنامج عمل يؤدي الى الانسحاب الاسرائيلي لن تحقق شيئا ولن تخدم الا سياسات الاستيطان الاسرائيلي.
ليس انتصارا ولا تقدما نحرزه أن تكون التهدئة مقابل الحفاظ على الوضع القائم في الاقصى وانما ينبغي أن تكون التهدئة بالاضافة الى ذلك مقابل الجلوس الى مائدة المفاوضات وفق جدول زمني محدد لأنجاز اعلان الدولة الفلسطينية مكتملة السيادة أما أن نعود الى الوضع القائم في الاراضي المحتلة قبيل الانتفاضة فهذا معناه سنوات أخرى طويلة من الاستيطان الاسرائيلي وضياع الحقوق الفلسطينية على الارض.
الاردن الرسمي معني مباشرة بالحفاظ على المقدسات في القدس هذا صحيح أما الانتفاضة في الاراضي المحتلة فلتبحث اسرائيل عن غيرنا لحل مشكلتها أما السلطة الفلسطينية فلتتدبر امرها مع الشعب الفلسطيني وما يريده ويجاهد من أجله.
اننا (نحن والسلطة الفلسطينية) نبدو وكأننا نريد سلتنا بدون عنب في حين أن الحقيقة أن ثمن الانتفاضة هو سلتنا التي ينبغي على نتنياهو أن يملاءها بالعنب أو يواجه ثورة شعبية فلسطينية لن يتحملها الاقتصاد الاسرائيلي ولا الساسة المتطرفون في الكنيست.