بعد ٢٠سنة على ربط الدينار الأردني بالدولار .. هل تحقق الهدف ؟
زياد الدباس
26-10-2015 01:39 PM
في البداية ومن خلال المعلومات الرسمية الايجابية التي نشرت خلال الاسبوع الماضي نلاحظ استمرارية تعزيز الاحتياطات الاجنبية في الاردن والتي ارتفعت قيمتها بنسبه ٧,٣٪ خلال التسعة شهور الاولى من هذا العام لترتفع الى ١٥,١١ مليار دولار بزياده قيمتها ١,٠٤ مليار دولار وهذه الاحتياطيات والتي تعتبر مقياس للملاءة المالية التي يتمتع بها الاقتصاد الاردني تغطي حاجة الاردن من المستوردات السلعية والخدمية لفترة تتجاوز السبعة شهور ، وتعتبر هذه المدة ضمن فترات التغطية المتفوقة والمطمئنة وفق المعايير الدولية والملاحظ ومن خلال المعلومات التي نشرت ايضا ولها انعكاسات ايجابية على ميزان المدفوعات واحتياطيات العملات الاجنبيه انخفاض مستوردات المملكة من الطاقة بنسبة ٤٨٪ خلال الثمانية شهور الاولى من هذا العام بعد الانخفاض الكبير في سعر النفط .
كذلك اشارت المعلومات المنشورة الى انخفاض العجز التجاري بنسبة ١٥ ٪ ، والمعلوم أن الدولار يمثل أكبر اقتصاد في العالم ويقوم بدوره كعملة الاحتياط العالمية إذ تحتفظ المصارف المركزية في معظم دول العالم باحتياطات كبيرة بالدولار لتلبية احتياجاتها من السلع والخدمات المستوردة، كما يشكل الدولار ثلثي احتياطات النقد الأجنبي في العالم و80 في المئة من مبادلات سعر الصرف الأجنبي و50 في المئة من صادرات العالم من السلع الاولية بما فيها النفط، إذ تسعر جميع دول «أوبك» نفطها بالدولار.
والسؤال الذي يطرح نفسه وبعد مضي 20 سنة تقريباً على ربط سعر صرف الدينار بالدولار، هل تحقق الهدف من هذا الربط؟
يستدعي الأمر مراجعة وتقويماً من لجنة متخصصة ومحايدة محلية ودولية كل 10 سنين باعتبار أن معدل سعر صرف الدينار الأردني في مقابل العملات الأخرى من الاهمية على مستوى الاقتصاد الكلي نظراً إلى تنوع الآثار الإيجابية والسلبية التي تترتب على رفعه أو خفضه، وذلك بالنسبة إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، وإلى الاحتفاظ بالدينار كعملة ادخار واستثمار، وإلى تدفق الواردات والصادرات وحيث لاحظنا وعلى سبيل المثال ان انخفاض سعر صرف الجنيه المصري بنسبه ٣٨٪ خلال الخمسة سنوات الماضيه وأطاح برؤوس عدد من محافظي البنك المركزي المصري قد ساهم هذا الانخفاض الكبير في تراجع الثقه بالجنيه كعملة ادخار واستثمار وأدى التراجع الكبير في سعر صرفه الى ارتفاع كبير في مستوى التضخم والاسعار وتكلفه المعيشه وزياده نسبه الفقراء .
وربط الدينار بالدولار له تأثيره الواضح في الإنتاج والدخل والتوظيف والطلب على الأصول المالية، وفي مقدمها الأسهم والسندات والصكوك، والطلب على الأصول الحقيقية، وفي مقدمها الأراضي والمنتجات العقارية، ما يعني أن تأثيراته عميقة في الاقتصاد الأردني وتنافسيته وقدرته على تعبئة الموارد.
ولا شك أن ربط سعر صرف الدينار بالدولار كان له دور مهم في تدفّق مدخرات واستثمارات المغتربين الأردنيين العاملين في دول الخليج، إضافة إلى تدفق اموال الأردنيين العاملين في الدول المرتبطة عملاتها بسعر صرف الدولار، ناهيك عن تأثيراته الإيجابية في تدفق استثمارات الخليجين، سواء المباشرة على قطاعات الاقتصاد الحقيقي أو غير المباشرة وتحديداً على سوق عمّان المالية، نتيجة غياب أخطار سعر الصرف.
ويجمع عدد كبير من الاقتصاديين الأردنيين على أن ارتباط سعر صرف الدينار بالدولار أصبح من الرموز الأساسية للاستقرار النقدي، والحفاظ على معدل تضخم معتدل، وزيادة تنافسية الصادرات، وتعزيز قيمة الاحتياطات الأجنبية.
بينما تشير وتؤكد المنظمات والمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، وفي مقدمها صندوق النقد الدولي، إلى عدم وجود انحراف في سعر الصرف الحقيقي للدينار عن سعر الصرف التوازني، ما يؤكد أن نظام سعر الصرف الحالي والذي مضى على تطبيقه نحو 20 سنة يتوافق مع أساسيات الاقتصاد الأردني ويساهم في دعم النمو الاقتصادي من خلال تعزيز أساسيات الاستقرار المالي والنقدي.
لكن فريقاً آخر يرى أن خفض سعر صرف الدينار قد يساهم في تنافسية الصادرات الأردنية إذ يخفض سعرها كما يرفع أسعار الواردات ما يقلّص الطلب عليها ويعزز التحول إلى المنتجات الأردنية بما يساهم في تشجيع الصناعة المحلية وخفض العجز في الميزان التجاري.
لكن الفريق الأول يردّ بأن خفض سعر صرف الدينار لن يكون له تأثير يذكر في تنافسية صادراته الإستراتيجية والتي تمثل نسبة مهمة من الإجمالي وفي مقدمها الفوسفات والبوتاس باعتبارهما مسعرتين عالمياً بالدولار، فيما سيساهم الانخفاض في ارتفاع مستوى التضخم المستورد بما يزيد نسبة الفقر في المجتمع، وسيرفع أسعار المواد الخام المستوردة بما يرفع كلفة الصناعات التي تعتمد على هذه المواد فيقلص تنافسيتها. وسيؤدي التخفيض إلى ارتفاع قيمة ديون الأردن الخارجية المسعرة معظمها بالدولار.
أما ارتفاع سعر الدولار القياسي مقابل العملات الرئيسيه الاخرى خلال الفترة الماضية ومعه ارتفاع سعر صرف الدينار فسيؤدي إلى انخفاض قيمة التزامات المملكة من العملات الأجنبية وارتفاع قيمة استثماراتها وانخفاض أسعار السلع المستوردة من دول تتعامل بعملات أخرى، وفي مقدمها اليورو، كما سيؤدي أيضاً إلى خفض تكاليف العلاج والدراسة والسياحة في الخارج، بينما تزيد قيمة احتياطات المصرف المركزي وموجودات المصارف التجارية وللحديث بقية .
"الراي"