مهمات متغيرة لصندوق النقد الدولي
د. فهد الفانك
24-10-2015 04:28 AM
سبعون عاماً سـلخها صندوق النقد الدولي منذ تأسيسه ليحمي الاستقرار النقدي في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية. وخلال هذه الفترة التي شهدت اضطرابات هائلـة تطور الصندوق وتغير دوره في محاولة للحفاظ على حياته بحيث لا يتجاوزه الزمن.
كان الهدف الأساسي للصندوق أن يعمل كبنـك مركـزي للبنوك المركزية في العالم (الحر) ، وكانت سياسته الحفاظ على أسـعار صرف ثابتة ترتبط بالذهب ، ولكنه اضطر للتخلي عن قاعدة الذهب ، ثم عن سياسـة ثبات سـعر الصرف بين العملات ، وتحول 180 درجة لتأييد سياسـة تعويم العملات التي فرضت نفسها على الأسواق.
في ظل التضخـم المرتفـع الذي حدث في السبيعنات كان من المستحيل الإبقاء على الذهب كقاعدة للعملات ، فالذهب له قيمة ذاتيـة ترتفـع مع التضخـم لارتفاع تكاليف إنتاجـه في حين أن قيمـة العملات الورقية تتآكـل بالتدريج بسـبب العجز في الموازنات العامة واضطـرار الحكومات لإصدار المزيد من العملة الورقية لتمويل عجزها.
المهمة التي أخـذها الصندوق على عاتقه بعد انفجار أزمة المديونية العالمية في مطلع السبعينات هي التصدي لاحتواء الأزمة عن طريق برامج التصحيح الاقتصادي ، حيث تتعهد الدول النامية المدينة والعاجزة عن السداد بالخضوع لبرنامج قاس يضعه الصندوق لإزالة الاختلالات في اقتصادياتها وضبط الطلب الكلي وبالتالي تكوين فائض تدريجي يمكن استخدامه لخدمة الديون. وفي مقابل ذلك فإن الدول الدائنة تعيد جدولة استحقاقاتها من الفوائد والأقساط ، ويقوم الصندوق نفسه بتقديم قروض مشروطة لسد الفجوة وتمكين الدول المدينة من القيام بإصلاحات جراحية بأقل قدر من المعاناة ومن ثم استئناف النمو الاقتصادي.
في هذا المجال حقق صندوق النقد الدولي نتائج مختلطة ، صحيح أن الدول الدائنة لم يكن أمامها خيار آخر ،
لأن الدول المدينة توقفت عن الدفع لأسباب موضوعية أهمها الفسـاد والتوسـع في الاقتراض. كما أن الدول المدينة لم تجد خيـاراً آخـر لوقف الانهيار ومحاولة استرداد حالة من الاسـتقرار.
نجاح أو فشل برامج صندوق النقد الدولي للتصحيح الاقتصادي يتوقف على عوامل عديدة أهمها توفر حكومات ذات فعالية والتزام وقدرة على اتخاذ قرارات جريئة. ومن الأمثلة الناجحة بين الدول العربية: الأردن وتونس والمغرب.
صندوق النقد الدولي لا يخدم الدول المدينة فقط بل يخدم الدائنين أيضاً.
الراي