بشيء أو حتى بكثير من الإستغراب , تناولت بعض وسائل الإعلام نبأ التنسيق العسكري بين الاردن وروسيا بشأن العمليات العسكرية الروسية الدائرة حاليا على الارض السوريه , وهو إستغراب أقل ما يمكن ان يقال فيه , هو انه إستغراب مستغرب جدا, لا بل وينم عن سطحية بالغة في فهم الأمور , فروسيا اليوم تخوض حربا في جوار الاردن , وهي حرب لا نعرف ولا أحد في العالم كله يعرف أين سيصل مداها , والاردن مثله مثل سائر الدول تفاجأ بالدخول العسكري الروسي إلى جارته سورية التي يختلط الحابل فيها بالنابل منذ حوالى خمس سنوات , وهي حرب وصلت قذائفها الارض الاردنية غير مره , والجيش العربي الاردني والقوى الامنية الاردنية موجودون وساهرون على طول الحدود الاردنية السورية وحتى العراقيه , من أجل هدف وطني واحد هو ضمان سلامة الاردن من شرر وشرور هذه الفوضى العسكرية الطاحنة غير الواضحة نتائجها وتطوراتها المفاجئة على مدار الساعه .
روسيا تنسق عسكريا مع سائر المعنيين بتلك الحرب , سواء من حيث الجغرافيا كالعراق وتركيا , أو من حيث المصالح كأوروبا وامريكا , او من حيث الإنخراط في الحرب كإيران , او من حيث البعد السياسي كدول الخليج العربي , وهذا تنسيق تقتضيه طبيعة الحرب وتطورتها المحسوبة وغير المحسوبه , ولا يتخلف عنه أحد معني بأمنه الوطني قيد أنمله , وحتى العدو الإسرائيلي طار رئيس حكومته باكرا إلى موسكو تحوطا لما يرى انه مصالحه ,
كنا سنستغرب لو ان السلطات الرسمية الاردنية غابت او هي تجاهلت حتمية التنسيق العسكري الذي يكفل المصالح الوطنية الاردنية , ويكفل سلامة الارض الاردنية من مخاطر حرب لم يكن لنا ذنب يذكر في تفجرها ونتمنى لو تنتهي الليلة قبل الغد , وإذا كان من حق الجميع في الإقليم ان ينسق ضمانا لسلامته ولمصالحه , فلماذا إذن يحظر على الاردن ذلك , ولماذا يستمريء المستغربون مواصلة منهجية التضحية بالمصالح الوطنية الاردنية , أليس الاردن وطنا ككل الاوطان أم هو في نظر البعض مجرد قربان لا بأس من التضحية به وبمصالحه .
التنسيق العسكري المتعارف عليه اوقات الحروب حتى بين المتحاربين انفسهم , ليس سرا ولا ينطوي على تبدل جوهري في المواقف والسياسات , وإنما هو مصلحة أمنية وطنية بإمتياز , لا يستغربها غير جاهل , ولا يتردد أمامها إلا مستهتر بمصالح بلده وشعبه وأمنه الوطني , وقطعا الاردن الرسمي ليس كذلك ابدا , ومن هنا جاء التنسيق الذي يتشدق السطحيون والمشككون التقليديون بإستغرابه , ولهم ان يعلموا علم اليقين , ان القيادة الاردنية العليا التي نجحت وبإمتياز في تجنيب الاردن كل الشرور على كثرتها وجسامتها وخبث مراميها حتى الآن , تدرك جيدا ما تفعل ولن تفرط بمصلحة وطنية مهما تواضع أو علا شأنها .