اقرأ الجريدةَ يا ديفيد كاميرون، يا رئيسَ وزراء بريطانيا العظمى، وأنت تقفُ في المترو، ولا يأبهُ لَكَ أحد. أيها الشابُ العلمانيُّ الذي يقودُ شعباً نجا من الأكاذيب والأساطير والموت. إِنَّكَ تستحقُّ حتماً ما أنتَ فيه من هيبةٍ وكبرياء.
أنظرْ إلى النساء والرجال حولك. لم يمنحك أيٌّ منهم مقعده. فأنتَ موظفٌ لديهم. أنتَ خادمهم. وفي العُرْفِ فإنّ المخدومَ لا يقومُ للخادم. هؤلاء يدفعون لَكَ راتبكَ من جيوبهم. من الضرائبِ، ومن خبزِ البيوت، وفواتير الكهرباء والمياه. ألا تلاحظُ تلك المرأة الجالسة. لم تتقدَّم إليكَ لتتوسَّل مساعدةً في علاجٍ أو معونةٍ شهريةٍ، ولم يُطالبكَ ذلك الرجل بأنْ تساعدَ ابنه الذي حصلَ على 60% في الثانوية البريطانية، ليدخلَ كليّة الطب.
اقرأ الجريدة. تصفَّح "الحوادث والمحاكم". وبما أنكَّ مسيحيٌّ انجليكانيٌّ فإنني أضمنُ لَكَ أنكَ لن تجدَ خبراً عن رجلٍ بريطانيّ يحاكمُ بتهمة "ازدراء الأديان" لأنه قال نكتةً عابرةً عن أسقف كانتربري القدّيس أوغسطين الذي عاشَ في القرن السادس عشر. استمتعْ يا رجل بصفحة الرياضة. لا أعرفُ إذا كُنتَ تشجّعُ "ليفربول" أو "مانشستر يونايتيد"، ولكنني متأكدٌ أنك غير راضٍ مثلي عن ما يفعله مورينيو بـ"تشيلسي".
إنْ لم يعجبك خبرٌ أو تحقيقٌ في الصحيفة، فيا لَكَ من رئيس وزراء لا حولَ له ولا قوّة. فأنتَ لا تملك أيَّة صلاحيةٍ للاتصال برئيس التحرير، لتقولَ له: هذا ريتشارد سايمون لا أريدُ أنْ أرى اسمه ثانيةً، وإذا نشرَ فلانُ أيَّ خبرٍ عن فساد المحافظين فــ"سوف أمسحُ به الأرض".
لا أنصحكَ أنْ تبحثَ عن صفحة البرلمان، فلن تجدَ فيها نائباً من حزب العمّال يرفعُ مسدسه، ولا آخر يخلعُ حذاءه. فهذه الصحيفة التي في يدكَ غير ممتعة. تخلو من الكوميديا. لا أخبارَ فيها عن الاستثناءات في القبول الجامعيّ، ولا عن خطوط الباصات للنوّاب، ولا عن القوانين والمناهج التي تعتبرُ المرأة نصفَ انسان، ولا غيره. لأنَّ غيره هناك في بلادٍ لا يركبُ فيها مثلك في مترو، ويقرأ جريدة...