مؤتمر(الامن) في بلد ترتكب فيه جرائم ضد الانسانية
جودت مناع/ لندن
01-06-2008 03:00 AM
انعقد في القدس المحتلة الأسبوع الماضي مؤتمر حول الأمن العالمي بمشاركة عدد من الدول من بينها الولايات المتحدة وكندا والسلطة الفلسطينية وغيرها من الدول لبحث السبل الناجعة في مكافحة ما يسمى بالإرهاب.
ويجيء انعقاد المؤتمر في خضم تصعيد إسرائيلي ضد الوطنيين الفلسطينيين في قطاع غزة حيث الحصار العسكري يضرب بكل وسائل الحياة وفي الضفة الغربية يخضع السكان لإجراءات قاسية عند حواجز التفتيش العسكرية على الطرق حيث أكثر من 600 حاجز منتشرة بين المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية.
ومما يثبت هذا الواقع هو تصريحات أكثر من مسؤول دولي أدانت بشدة إجراءات القوات الإسرائيلية ضد الوطنيين الفلسطينيين واصفة إياها بجرائم ضد الإنسانية.
وفي هذا السياق فقد صرح الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر أن جرائم ترتكب ضد الإنسانية في فلسطين غير مسبوقة.
وكرر العبارات ذاتها أسقف جنوب أفريقيا توتو الذي قال إن ما يجري في قطاع غزة جرائم ضد الإنسانية وإن العار سيلحق بالعالم نتيجة الصمت واصفا إياه بمؤامرة محبطة.
لقد تجاوزت اللفتة للأوضاع الإنسانية في فلسطين المحتلة رؤى السياسيين فكان لها حضورا في مبادرات الأكاديميين.
فقد حض أستاذ السياسة الدولية الأميركي بجامعة هارفارد ستيفن والت الإدارة الأميركية على ما يجب فعله حين رأى أن عليها معاملة إسرائيل كما تعامل بقية الديمقراطيات، "تساندهم عندما يصيبون، وتتوقف عن دعمهم حينما يخطئون"، محذرا من أن التاريخ قد يحكم بقسوة يوما ما على بلاده" لأنها لم تتوقف عن دعم إسرائيل "حتى عندما حولت غزة إلى سجن في الهواء الطلق".
وتتزامن هذه اللفتة مع حظر فرضه كيان الإحلال العنصري على سبعة طلاب فلسطينيين من قطاع غزة يحول دون سفرهم الدراسة بالولايات المتحدة بعد ان حصلوا على منح دراسية هناك.
ولم يتأخر عالم الرياضيات الأمريكي ديفيد مامفورد عن التبرع بجائزة علمية، كانت إسرائيل قد منحته إياها في وقت سابق، إلى كل من جامعة بير زيت الفلسطينية ومنظمة جيشا الإسرائيلية التي تعنى بحماية حقوق الطلاب الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر.
وكان مامفورد قد فاز بجائزة "وولف برايز"، وتبلغ قيمة نصيبه منها 33333 دولارا أمريكيا وتسلمها خلال حفل أُقيم يوم أمس الأحد في مبنى البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، "تقديرا لإسهاماته النظرية الجبارة في مجال علم الهندسة الجبرية."
إن هذه المواقف سبقها استطلاع للرأي العام الماضي في دول الإتحاد الأوروبي حول ترتيب الدول الأخطر على السلام العالمي وقد أظهر الاستطلاع أن كيان الفصل العنصري في إسرائيل جاء في الترتيب الأول من حيث الخطورة على السلم العالمي.
إن كيان الفصل العنصري الصهيوني في فلسطين المحتلة يحاول إزاحة الأنظار عما ينفذه من جرائم ضد الإنسانية ضد الوطنيين الفلسطينيين بما في ذلك فرض العقاب الجماعي على المدنيين.
وتتمثل تلك المحاولات في الإفراط بالحديث عن تقدم في مفاوضات السلام على المسارين الفلسطيني والإسرائيلي في وقت يواجه إيهود أولمرت اتهامات أكيدة في ملفات فساد وهو ما يدحض كل الإدعاءات الكاذبة بتقدم عملية السلام.
فبدلا من تقديم أولمرت وأقطاب حكومته إلى محكمة جرائم حرب عقابا لما ترتكبه أيديهم الملطخة بدماء الوطنيين الفلسطينيين يتم التغطية عليهم بسيناريوهات الفساد تارة وإجراء انتخابات مبكرة تارة أخرى وهو ما تكرر مع حمى الحديث عن تقدم في مفاوضات السلام.
إن عقد المؤتمر الأمني في مقرات الكيان الصهيوني ما هو وبمشاركة الولايات المتحدة ما هو إلا ممارسة تضليل يضاف إلى الحملات الكاذبة التي يديرها الكيان الصهيوني ولكن اختلافه هذه المرة بمشاركة السلطة الفلسطينية في وقت تضاءلت فيه فرص السلام رغم الوعود الأميركية الكاذبة.
كاتب صحفي ومحاضر في الإعلام
Jawdat_manna@yahoo.co.uk