لم يكن احد يتوقع مئات آلاف الناخبين المصريين في الأردن، ولكن عدد اصوات صحيحة اقل من الف ناخب فقضية تلفت النظر، ولعلها من الاساس لا لزوم لها، لانها تحتمل تفسيرات ليست لمصلحة النظام، وليست لمصلحة الاصلاح في البلد الشقيق.

طبعا هناك أميّة عالية بين طبقة عاملة جاءت من «الغيط» وهناك كما لاحظ السفير، ان عمالا كثيرون خارج عمان والعقبة، وان لسفرهم للاقتراع كلفة حين يقارنها العامل بمئة وخمسين جنيهاً يخسرها من أجل عيون الديمقراطية فانه يفضل «عيون بهيّة».

والأمر المثير للانتباه، ان نسبة المشاركين المصريين داخل مصر كانت ايضا متدنية، واغلب الظن انها كانت دون 20%، فلماذا كانت نسبة الانتخابات الرئاسية عالية في المرتين؟ ولماذا كان الاقبال على انتخابات مجلس الشعب الأول بعد انتهاء عهد مبارك عالية؟.

والاجوبة قد تكون اصعب من ان نجيب عليها في هذه العجالة على الرغم من ان الدستور اعطى لمجلس الشعب صلاحيات واسعة تشمل انهاء خدمات رئيس الجمهورية، او حجب الثقة عن الحكومة واي وزير فيها.

لكن الذين يعرفون المزاج الشعبي المصري يعرف ان العيش، والحرية، والكرامة، لم تصل بعد الى بيوت المصريين. فقد كان هناك امل بتشغيل مئات المصانع التي توقفت.. لانها كانت مهيأة للخصخصة، وخاصة مصانع الغزل والنسيج. وكان هناك انتظار لعودة الطبقة الرأسمالية التي سخنت زمن مبارك، لكنها بقيت حذرة.. مع ان اكثر العاملين فيها معرضون للبطالة بسرعة كالعاملين في السياحة.

لقد شده الرئيس السيسي مصر والعالم بمشروع قناة السويس الجديد، وبطريقة تمويله لكن مشروعا واحدا على ضخامته لم يحل المشكل. وكان هناك من تحمس لارجاء الجزء الاخير من خارطة الطريق .. بحيث تؤجل انتخابات مجلس الشعب فترة معقولة وتنصرف الدولة الى اجراءات حازمة وسريعة تشغل الناس في المصانع الواقفة وعدم انتظار الاستثمار العربي والأجنبي، والهجوم على مشروعات الاسكان الملحة لازالة العشوائيات وتشغيل آلاف عمال البناء والتركيز على زراعة الوادي الجديد ومشروع توشكي بعد ان تخلى مستثمرون عرب عن مشروعاتهم الأسطورية.

الجهاز البيروقراطي المصري الذي ينوف عمره على ستة آلاف عام، لم يعد قادرا على حمل مسؤوليات النهوض وامام هذا الجهاز تجربتان عظيمتان: تجربة محمد علي الكبير. وتجربة جمال عبدالناصر. ولعل الرئيس السيسي يملك عزما في مستوى عزم محمد علي، وانتماء لمصر كانتماء جمال عبدالناصر.

الرأي