ابني موهوب ولكن تحصيله الأكاديمي متدني!
د. حنان الحموز
20-10-2015 02:27 PM
هل من الممكن للطالب الموهوب الذي يمتلك قدرة عقلية عالية أن يعاني من تدنّي في التحصيل الأكاديمي؟ الإجابة على هذا السؤال هي: نعم، فالموهوبين من ذوي التحصيل الأكاديمي المتدني ظاهرة موجودة على الرغم من أن الموهبة والتدني في التحصيل الأكاديمي أمر غير مقبول وغير طبيعي. ومن أهم الأسباب التي طرحتها الدراسات العلمية لتدني التحصيل الأكاديمي لدى الموهوبين هو الدافعية. ونحن آباء وأمهات لدينا مسؤولية كبيرة تتمثل في إيجاد حلول مناسبة للأطفال الموهوبين من ذوي التحصيل الأكاديمي المتدني، وذلك بالتركيز على الدافعية. لذلك فإنّ هذا المقال يطرح بعض الاستراتيجيات والنصائح التي يمكن أن يتبعها الوالدين لتحفيز أطفالهم الموهوبين.
في البداية يجب أن يؤمن الوالدين أنّ لديهم المهارات اللازمة لتحفيز ابنهم الموهوب الذي يعاني من ضعف التحصيل الدراسي، وأنَّ الأمر ليس مُعقداً كما يبدو، بل على العكس فَهُم بحاجة إلى بذل الجهد والصبر للوصول إلى النتائج المرجوة.
ولسوء الحظ فإنَّ العديد من الطلبة الموهوبين لا ينظرون إلى تجربة مدرستهم بأنها ذات مغزى أو ذات هدف. فعلى سبيل المثال بعض الطلبة الموهوبين لا يجدون المدرسة مُحفّزة فكرياً؛ وذلك لأنهم أتقنوا المحتوى أو لأنّ باستطاعتهم إتقانه بسرعة. فالتكرار بالنسبة لهم يُعتبر مملاً و غير مُجدٍ. وبمجرد أنهم تعلموا أن يتوقعوا الملل في الصف، سيفشلون في تبني خبرات التعلم الجديدة الإيجابية عند ظهورها.
أما النوع الأخر من الطلبة الموهوبين فهم الذين يجدون الموضوعات المدرسية مملة، بغض النظر عن مستوى التحدي المقدم لهم، وذلك ممكن تفسيره أنّ هؤلاء الطلبة قد طوروا مجالاً واحداً من الاهتمام والذي لا يقابلُهُ شيء مما يُدَرّس لهم في المدرسة. ولا يزال البعض الآخر من الطلبة الموهوبين لا يبدي اهتمامه في أي شيء إما بسبب تجاربهم السلبية المدرسية السابقة والتي فشلت في تغذية فضولهم الطبيعي، أو لأنهم يشُكّون في قدراتهم على القيام بالأعمال المدرسية بشكل جيد. عموماً فإنه من الممكن القول أن الطالب يرى المهام ذات معنى وقيمة إذا كانت ترضي مصلحته الشخصية، أو يكون لها استخدام فوري، أو أنها ستكون مفيدة له بشكل واضح في المستقبل.
ولحسن الحظ، يستطيع الوالدين استخدام مجموعة من الاستراتيجيات الفعّالة لمساعدة أبنائهم الموهوبين على تخطي معظم المشكلات المرتبطة بتدني التحصيل الأكاديمي وأهمها هو التالي:
أولا : يجب على الآباء أن يشرحوا لأبنائهم كيف يتحول الفضول إلى أفعال، على سبيل المثال، السؤال حول عدد الأقمار التي تدور حول كوكب زحل قد يؤدي إلى البحث عن الإجابة والتوسع في أمور الفلك والفضاء الأخرى على شبكة الإنترنت أو في الموسوعات العلمية.
ثانيا : يجب على الأباء تغذية فضول أطفالهم وحب التعلُم لديهم، إمّا من خلال فرص أخرى خارج المدرسة التي تساعدهم على استكشاف اهتماماتهم، أو من خلال فتح الأبواب لهم على حب الاستطلاع مثل قراءة قصص الخيال أو تحليل أفلام الخيال العلمي .
ثالثا : يجب على الأباء التوضيح لأبنائهم كيف أن خبرات مدرستهم مهمة الآن، وسوف تكون مفيدة في المستقبل، و أنّ هؤلاء الآباء يُقدّرون ويحترمون المدرسة. يُؤثِّر الوالدان في نفسيَّة طفلهم بالنٍّسبة لحبِّه للمدرسة وتنعكس إتجاهاتهم بشكل واضح على إقباله عليها وحبِه لها. حيث غالباً ما ينتقل موقف الوالدين نحو المدرسة إلى أبنائهم ، ولهذا فإنَّ محبة الطّفل للمدرسة تبدأ من الوالدين.
رابعا : يجب على الآباء مراقبة الواجبات المنزلية لأطفالهم، وهذا يعني أن الآباء يرسلون رسالة لأبنائهم مفادها أنهم يُقدّرون ما يفعله أطفالهم في المدرسة، وهذا بدوره سوف يعزز سلوكهم الدراسي الإيجابي ويضمن تقويته في المستقبل أيضاً.
خامسا : يجب على الآباء مشاركة أبنائهم لاهتماماتهم من خلال المدرسة وكذلك العمل مع المدرسة، وربط هذه الاهتمامات بمشاريع مدرسية . حيث يُعتبر الوالدان هما المعلمون الأكثر تأثيراً في حياة طفلهم. فعندما يقرأ أحد الوالدين كتاباً أو يشارك في تطوير مكتبة المدرسة، فإنَّهم يقدمون نموذجاً إيجابيّاً لأبنائهم ينبههم فيه أنَّ التَّعلم عمليَّة مُستمرَّة. وتُعتبر هذه طريقة لزرع قِيمٍ واتجاهات إيجابية في نفس طفلك نحو التعلم. وإذا لاحظت أنَّ طفلك مهتمٌّ في موضوعٍ دراسيٍّ مُعيَّن ، فعليك أنْ تبحث عن طُرقٍ لتوسيع نطاق هذا النَّوع من التعلم . فمثلاً إذا كان طفلك مُهتمٌّ بالطيور والحيوانات فمن المُمكن الذَّهاب إلى حديقة الحيوانات أو التطوع في عمل ذا علاقة بهذا الاهتمام . كما يمكن توضيح التَّطبيقات العمليَّة في العالم الحقيقي لِمَا يتعلمه طفلك في المدرسة ، مما يؤدِّي إلى تلبية فضولهم الطبيعيّ .
في النهايه، مما لا شك فيه أن الوالدين يلعبان دورا حيوياً وفعالاً في حياة أطفالهم، يؤثرون فيهم، يزرعون القيم ، ويساعدونهم على مواجهة الصعوبات التي تمر في حياتهم. فكيف إذا كان لديك طفلاً موهوباً ويواجه مشكلة في التحصيل الأكاديمي؟ هذا بالتأكيد يتطلّب من قِبل الوالدين بذل جهداً أكبر، من أجل أن يكون التحصيل الأكاديمي لدى طفلك موازياً فعلياً لقدراته الحقيقية.
halhmouz@gmail.com