تقرير الحرية الدينية 2014 ، صدر بدون ضجيج !
الاب رفعت بدر
20-10-2015 05:12 AM
صدر تقرير اللجنة الأمريكية حول أحوال «الحرية الدينية» في عام 2014، دون ضجيج اعلامي ، كما كان في السابق. رغم انّ العام الماضي قد شهد نشأة ما يسّمى بالدولة الإسلامية، التي كان من باكورة انجازاتها القضاء على المكوّن الديني التعددي في المناطق التي وصلت إليها، وأهمها الموصل وسائر قرى ومدن سهل نينوى في العراق. فتعمّد التقرير الحديث عنها وعن شقيقاتها مثل بوكو حرام وغيرها ممّا تتشابه أفعاله مع «داعش» من قتل وتدمير وتكفير، وإلغاء صريح ومباشر لكل ما هو مختلف أو «آخر» ديني وعقائدي وطائفي.
لقد حفل العام الماضي، بهذه التيارات الإلغائية، وعانى ويلاتها الكثير من البشر، فغادروا قسرا أرضهم وبلدانهم الأصلية التي عاشوا فيها مئات السنوات بتناغم تام مع مكوّنات أخرى لذات المجتمع. فأتى القرن الحادي والعشرون ليبين لهم أنه الأقسى والأمّر والأكثر أسى ووحشية، إذ أُجبروا على الرحيل وانتقلوا من «مواطنين» لهم اسهامهم الفعّال في بناء مجتمعاتهم، إلى «مهجّرين» مسجلين في مكاتب الأمم المتحدة، وإلى طارقي أبواب السفارات بحثاً عن أحضان دافئة لإيوائهم، مروراً بالبحار الباردة وأحياناً القاتلة.
هذه هي الصورة القاتمة جداً التي تغطي تقرير أمريكا عابر البحار والأقطار لهذا العام العاصف، رغم أنه يقدّم بعض التحسن والايجابيات لدى بعض البلدان ويخص منها مصر التي لم يذكر عنها انتهاكات لحقوق السكان الدينية تحديداً، كما كان يفعل في السابق. ورغم أنّه يناقش أوضاع العالم – الدينية–ضمن منظار واحد يعتمد على مصطلحي «محاربة اللاسامية» Anti-Semitism من جهة و «الخوف من الاسلام» Islamo-phobia من جهة أخرى.
أردنياً، يعيد التقرير ما ينشره في كل عام، وبالأخص حول تضمين الدستور لحرية العبادة، وإقامة الشعائر الدينية، ويبيّن المشكلات القانونية التي تحصل في حالة تغيير الدين وتأثيره الاجتماعي والقانوني على حقوق الارث وغيره من التعقيدات، كما يتعرّض للاعتراف الرسمي بالجمعيات الدينية الطارئة على مجتمعنا، وهي ليست بالمشكلة الكبرى طبعا.
ويقدّم التقرير ثناءه للأردن من خلال أمرين: الأول زيارة البابا فرنسيس ولقائه بالملك عبدالله الثاني، وأثنى على تقدير جلالته لرسالة قداسته في نشر السلام والتسامح، مؤكداً تكافل الأردن بمسيحييه ومسلميه ، لبناء المستقبل الواحد على قاعدة مشتركة قِوامها الاحترام المتبادل والسلام والعبادة لله.
وثانياً، أثنى التقرير على استقبال الأردن للمهجرين من الموصل وعلى تأكيد جلالة الملك والحكومة على استكمال الأردن دوره في أن يكون الملاذ الآمن للعرب المسيحيين المعرضين للاضطهاد. وهنا يقول التقرير أنّ أعداد المهجرين هو ثلاثة آلاف شخص بينما هم في الواقع ثمانية آلاف.
وأخيرا يأتي التقرير على حديث الساعة - الكتب المدرسية - فعوضا عن الدعوة إلى تضمين المناهج المبادرات الأردنية في حقول الحوار بين الأديان، وبالأخص ذكر التاريخ العربي المسيحي في الاردن والمنطقة، يدعو إلى تذكيرها بتاريخ ما يسمى «بالمحرقة اليهودية» والدعوة الى نبذ اللاسامية، وهنا طبعاً نستدل على الجهة التي تقف وراء صناعة التقرير السنوي الذي فقد تأثيره الاعلامي كما فقد الضجة التي ترافق صدوره كل عام. ففي كل نهار محرقة جديدة لشعب ، ولم يعد شعب لوحده يمثل دور الضحية.
Abouna.org@gmail.com