عمون -نموذج التمويل المباشر (peer-to-peer lending) يعتمد على منصة إلكترونية تعمل بمثابة سوق تمويل يسمح للمقترضين ( الشركات الصغيرة والمتوسطة مثلا) تمويل مشاريعهم من قبل عدة مستثمرين. ويستطيع بذلك المستثمرون الاستفادة من أرباح القروض وجني ربح بنسبة ثابتة حتى اكتمال سداد القرض. و يتيح بذلك نموذج التمويل المباشر للمستثمرين فرصة للمساهمة في نمو النشاط الإقتصادي المحلي باسلوب سريع وسهل الاستعمال.
تمكن المنصة الإلكترونية المقترضين من حشد الإستثمار اللازم بسرعة وبشروط ائتمانية ميسرة في حين أن الإقتراض عن طريق البنوك غالباً ما يكون صعباً نظراً لإرتفاع سعر الفائدة او عدم موافقة البنك على منح القرض، وذلك لأن البنوك تفضل تمويل شركات كبيرة ومؤسسات حكومية. بالإضافة إلى ان معاملات البنك غالبا ما تتسم بالبيروقراطية والبطء. ومن ناحية أخرى، يستطيع المستثمرون كسب أرباح ذات دخل ثابت على ادخاراتهم الراقدة وتنويع محفظتهم الاستثمارية من خلال إستغلال فئة استثمار جديدة ( أي قروض الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم). وقد ساهمت بعض المنصات الإلكترونية القائمة في الأردن بإدخال نموذج إسلامي مطابق للشريعة ويعتمد على المرابحة والاستصناع لتمويل القروض.
في دراسة لمؤسسة التمويل الدولية (IFC)، و هي ذراع للبنك الدولي تهتم بشؤون القطاع الخاص في بلدان العالم النامية، تبين ان الشركات الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي تعاني من فجوة تمويل تقدر ب240 مليار دولار. وفي دراسة أجرتها منظمة إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك الدولي تبين أن 8٪ فقط من تمويل البنوك يذهب لصالح الشركات الصغيرة والمتوسطة في الشرق الأوسط ويتدنى ذلك الرقم جذرياً إلى 2٪ عند النظر إلى بلاد مجلس التعاون الخليجي .تعتبر نسب التمويل هذه متدنية للغاية عندما تقارن بعدد الشركات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة و التي تشكل 80%-90% من إجمالي الشركات المسجلة في الشرق الأوسط (بحسب دراسات الـIFC). كما تعد الشركات الصغيرة والمتوسطة من المحركات الرئيسية للنشاط والنمو الإقتصادي في المنطقة، ولذلك فإن نقص فرص التمويل المتاحة لها تشكل عائقاً لنمو الإقتصاد. ولذك فإن الإستثمار في هذه الشركات وتمكينها من النمو والتوسع وإتاحة فرصة توظيف المزيد من الناس وتحسين خدماتها المتوفرة ينعكس إيجابياً على الإقتصاد العام.
تزداد فعالية الشركات العاملة على هذا النموذج للتمويل المباشرفي جميع أنحاء العالم ومعها تزداد قدرة الناس على تمويل مشاريعهم بشروط أقل كلفة من تلك التي تقدمها البنوك التقليدية. ومع نشأة السوق الإلكتروني للتمويل أصبحت القروض في متناول شريحة أوسع من الناس، وبخدمة سريعة وعصرية وسلسة لا تتطلب الانغمار بشبكة بيروقراطية كبيرة ومتشعبة. منصات التمويل مثل "Lending Club" و "Prosper Marketplace" الأمريكية بالإضافة إلى "Funding Circle" البريطانية قد شهدت مراحل نمو سريع في العشر سنوات الماضية مع إزدياد الطلب على خدماتهم، ويتوقع نمو التمويل العالمي عبر هذه المنصات الإلكترونية ليصل إلى ترليون دولار بحلول عام 2025. ودخول هذا النموذج الريادي إلى منطقتنا سيمكن المنطقة من الاستفادة من هذا النمو المتسارع من أجل تحقيق أهداف التنمية والرقي باقتصادانا.
اميرة حياري و فيصل الحصري