لاول مرة يشعر الأردني بالخطر الحقيقي من غياب "سلام عادل" يقيم للفلسطينيين دولة جدية متصلة وذات سيادة، ولاول مرة يقابل فلسطينيو الشتات فشل جهود التسوية بهذا البرود!
الا يفجر هذا المشهد المتناقض أسئلة مقلقة وجديرة بالانتباه؟ كأن غياب السلام عبء على الأردنيين وكأن الغياب شأن فيه نظر لغيرهم !
لقد تراجعت الدعاية الفلسطينية تجاه "إحياء حق العودة" وكأن الفلسطيني أضحى في بلاد الشتات القريبة مجرد "دافع ضرائب" بلا قضية تاريخية أو انه مجرد مهاجر إلى كولورادو، فانهزمت الثقافة الوطنية المتمثلة بإعلاء شأن "مفهوم العودة" أمام ثقافة "تحسين نوعية الحياة" عبر تطوير مفهوم "دافع الضرائب" ليختزل الوطن فيصبح ليس اكثر من مكان تتوفر فيه خدمات المياه والصرف الصحي والكهرباء ووسائل اتصال، والانكى يجري التطوير للمفهوم الحداثي الجديد باعتباره المعيار الوحيد الذي يؤكد مواطنة الفرد فمن لا يترتب عليه ضرائب بوصفه عاطلا عن العمل لا يستحق أن يكون مواطنا وبدلا من أن يصبح العمل حق يجر ينعت جموع القرويين وسكان الأرياف بأنهم كسالى تماما كما ينعت زنوج هارلم ويصبح ذلك الذي احضر من بلاد الثروات بعض الدراهم دافع ضرائب متقدم على القروي في مواطنته.
سياسيا ينبغي ان نعيد تعريف بعض المفاهيم التي ظننا انها ثوابت فالاردني هو من يرى في الاردن وطنا نهائيا بصرف النظر عن مسقط رأسه او رأس والده ومن يعرف نفسه بأنه دافع ضرائب عليه لا يتأرجح بين هويتين كريمتين فواحدة تكفي و"كثير" !!!
من غزة وحتى الرويشد لا توجد معارضة جدية للمشهد القائم سوى حماس، فالاخوان الاردنيين "تحمسوا"، وحماس فلسطين اضحت هي الوريث الشرعي لبقايا السلطة الوطنية المتآكلة، اذن من الرويشد وحتى غزة معارضة واحدة لنظامين سياسين احدهما متين ومستقر وعمره زهاء القرن، اما الثاني فمتهالك وآيل للسقوط ، وقد يتسرب رموز هذا الاخير – عبر البزنس- الى الشرق لان خبرات الفساد المعولم لا ينبغي ان تبقى حبيسة الكانتونات وتحتاج الى مجال حيوي كما ان تجار الاسمنت الذين اسهموا ببناء الجدار العازل قد يوظفوا خبراتهم في سياق الفورة العقارية الحاصلة الان في الاردن وهكذا نحصل على ظروف امر واقع مثالية لمقولات ومشاريع كنا قد احسسنا اننا دفناها في وادي عربة منذ عام 1994.
بعض مما يثير قلق الاردنيين:
- لم يرسل فلسطينيو الاردن رسائل تطمينية لاشقائهم المضيفين ما يعبر عن تمسكهم بحق العودة.
- لم ترسل الحركة الاسلامية الاردنية (الحمساوية) ما يفيد بمعارضتها لمفاهيم التقاسم الوظيفي بل عملت العكس تماما فحماس غزة تعاطت بايجابية مع هذا المفهوم فيما يتعلق بمستقبل غزة، فضلا عن موقف الاخوان هنا من قرار فك الارتباط.
- لم تتطور اليات فلسطينية تقلب المشهد الهزيل في رام الله وتنتج تيارا سياسيا يعيد للقضية القها الذي فقدته في 13 ايلول عام 1993.
- تواتر الاحاديث عن وثيقة ( عوض الله – عريقات ) دون ابلاغ الرأي العام الاردني او الفلسطيني عنها.
وللحديث بالضرورة صلة.