لعل أبرز ما يعطي نكهة خاصة لأي بطولة في العالم هو حدة التنافس . وكم ستكون النكهة ذات طعم خاص إذا بقي التنافس محتدما حتى الرمق الاخير . وإذا تحدثنا عن دوريات عالمية او حتى عربية بقيت فيها المنافسة حتى الجولة الاخيرة فإننا سنتحدث عن عدد كبير من الدوريات التي بقيت فرقها تتصارع فيما بينها حتى آخر جولة أو على الأقل حتى الجولات الاخيرة من البطولة .
في إنجلترا التي ينظر لدوريها بأنه الدوري الاكثر إثارة في العالم كانت المطارة مستمرة بين الغريمين –في السنوات الأخيرة على الأقل - مانشستر يونايتد وتشيلسي . ولعل أبرز المتابعين والنقاد اعتبروا بأن فريق الشياطين الحمر هذا الموسم كان الأفضل في جميع النواحي ومجرد حصوله على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز في جولته الأخيرة ولقب أقوى بطولة للاندية في العالم دوري أبطال أوروبا هناك في موسكو يعطيان مما لا يدع مجالا للشك لأبناء أحد أقدم المدراء الفنيين في العالم الأسكتلندي السير أليكس فيرغيسون يعطيانهم الأفضلية على مستوى العالم . أما الدرس المستفاد من عروض الشياطين الحمر للموسم المنتهي قبل أيام قليلة هو الاستقرار وثقة الإدارة في المدرب . كيف لا وهناك من كان في بطن أمه حين في الوقت الذي كان فيه السير أليكس مديرا فنيا لمانستر يونايتد فأين فرقنا من الاستقرار ؟! في المقابل فإن البلوز ورغم مطاردتهم للشياطين الحمر إلا أنهم في النهاية خرجوا أبطالا للوصافة في أبرز البطولات . وكثيرون يروْن بأن رحيل البرتغالي مورينهو عن كتيبة البلوز كان له الأثر الكبير في مسيرة الفريق على الرغم من أن المدير الفني البديل للفريق لم يخرج بخسائر كثيرة إلا أنه أولا وأخيرا تسلّم فريقا جاهزا ومكتملا وهذا ليس تحاملا على جرانت المدرب من الكيان الصهيوني . في النهاية كان جرانت هو الضحية ! فهل يعود مورينهو من جديد ؟! كمحب لفريق تشيلسي .. أتمى ذلك .
دروس أخرى مستفادة من تجربة الطليان ولعل التشابه كبير بين التجربتين هذه المرة . فإنترميلانو ومدربه منشيني وعلى الرغم من خروجه من دوري أبطال أوروبا إلا أنه تماسك هو وفريقه حتى الجولة الاخيرة من الكالتشيو ليضمنوا لقب البطولة . أما المنافس روما فهو أيضا سار على نفس منوال غريمه للمواسم الأخيرة الإنتر وبقي يلهث من أجل بطولة وحيدة فكان له لقب كوبا إيطاليا عن جدارة واستحقاق بأفضلية واضحة على ملعب الأولمبيكو في العاصمة روما . أما سباليتي فلا أظن بأنه سيكون هو الضحية خصوصا مع روعة أداء فريق العاصمة . فرق أخرى في البطولات الإيطالية أثبتت وجودها وعودتها بقوة وفي مقدمتها فريق السيدة العجوز يوفينتوس الذي حل ثالثا وبكل هدوء ودون عناء كبير . أما الخاسر الاكبر في بلد الموضة والاناقة فكان فريق إي سي ميلان الذي خرج من البطولات بخفي حنين . نفس السؤال يوجه بخصوص الروسونيري .. هل سيبقى أنشيلوتي على رأس الجهاز الفني لفريق الميلان ؟! أم أن المشكلة لم تكن أكثر من كبوة جواد ؟ ولكن ألم تتكرر كبوات الميلان ؟!
إسبانِيا .. كان الفريق الملكي ريال مدريد مهيمنا على الليجا الإسبانية وضَمِن اللقب قبل جولات عدة من النهاية ولعل الصورة المحزنة بالنسبة لجمهور الفريق الكتالوني برشلونه عندما حيا لاعبوه نجوم الريال وهم يدخلون ملعب سانتياغو برنابيو أظن بأن هذه اللقطة كانت لقطة الموسم ! موسم خرج من خلاله فريق البرشا ومديره الفني الهولندي فرانك رايكارد بخسائر جمة . وكان لا محالة هو الخاسر الاكبر وضحية الموسم الإسباني فها هو يُودع أو يُرغم على وداع الفريق الذي حقق معه لقب الليجا ولقب دوري الأبطال سابقا . لكن هذا كله لا يكفي في ظل التراجع الكبير في مستوى زملاء رونالدينهو الذي غاب عن الموسم وسط اتهامات بتردده على نواد ليلية وعلاقات مع قتيات ابعدنه عن مستواه . إذن ، رايكارد ضحية تضاف للقائمة !
في بلاد المانشافت .. كانت ماكنة بايرن ميونخ تعمل وتعمل وتعمل حتى اللحظات الاخيرة وكان بوسع أوتمار هيتسفيلد تسجيل موسم للذكرى مع فريق بايرن ميونخ إلا أن نقمة زينيت الروسي اوقفت عمل ماكنتهم فَصَدأت في بطولة كأس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم .. وودع الحارس الاسطوري كان عالم الكرة بلقبين جميلين وبدمعة حزينة بالخروج المذل أمام الفريق الروسي المغمور .. ولكن مع ذلك قد لا يكفي جماهير البايرن لقبي الدوري والكأس .. وكانت الانظار كلها موجهة إلى ملعب مدينة مانشستر الذي غاب بايرن عن لعب دور البطولة فيه .
الاسود في فرنسا ورغم إخفاقهم الأوروبي المبكر إلا أنهم داووا جراحهم بسرعة وكانوا يتربعون على عرش الدوري الفرنسي لمواسم عدة أفقد البطولة كثيرا من بريقها لعدم وجود منافس حقيقي فيها حتى وإن حسمت في لحظاتها الأخيرة . لأن التاريخ لا يتذكر سوى الأبطال ! ولا مكان للوصيف . وهذه حقيقة مؤلمة . ولكن لماذا لم تنعكس قوة ليون الضاربة على أدائه الأوروبي ؟ ولماذا كان حملا وديعا في دوري الأبطال ؟! لعلها فرصة للمسؤولين في الفريق لمراجهة حساباتهم بشكل جدي من أجل العمل على جبهتين في الموسم المقبل .
في بلاد الطواحين كان بي أس في آيندهوفن يسطر أروع أنواع البطولات عندما حافظ على لقبه بطلا للدوري الهولندي لكرة القدم وعلى حساب منافسه الأوحد أياكس . وكان فارق الثلاث نقاط أكثر من كاف لضمان اللقب الذي أصبح من اختصاص الفريق في السنوات الاخيرة .. ولكن هل سيجد نجوم آيندهوفن من ينافسهم الموسم المقبل ويجردهم من لقبهم ؟
عربيا .. وما أدراك ما الدوريات العربية .. كانت المتعة والإثارة الأبرز في البطولات السعودية التي توزعت ألقابها على أكثر من فريق وكان الموسم السعودي هو أحد اكثر المواسم إثارة . وخطوة تغيير طريقة المنافسة على لقب الدوري السعودي كان لها الأثر الإيجابي على هذه المنافسة التي انتهت بفارق نتيجة لقائي الذهاب والإياب بين فريقي الهلال والاتحاد بعد إلغاء المربع الذهبي الذي لم يكن منصفا في السابق لعديد الفرق التي تصدرت منذ بداية بطولات سابقة لتجد فريقا آخر يخطف منها اللقب في مباراة واحدة . بالفعل كان الموسم السعودي هو الأكثر متعة ولكن لماذا لم ينعكس ذلك على أداء المنتخب الاخضر الذي أمتعنتا في مونديات 94 هناك في بلاد العم سام ؟! أم ستكون العودة قريبة ؟ هذا ما نأمله كمحبين للمنتخب السعودي الذي شرف العرب كثيرا .
في تونس كان لقب الدوري يتأرجح بين النجم الساحلي ومنافسه الفريق الاكثر شعبية في تونس .. الإفريقي الذي وضع حدا للغياب عن لقب الدوري بعد اثني عشر عاما فكان بطلا متوجا هذه المرة تاركا النجم الساحلي وصيفا ومجردا إياه من لقبه . ويحسب للبطولة التونسية تغير البطل في المواسم الأخيرة وهذا كله بالتأكيد سيزيد من إثارة ومتعة الموسم المقبل بجميع بطولاته . ولكن بقي أن ننوه أن ضحية أخرى ودعت الإدارة الفنية . المدرب الفرنسي مارشان الذي عبر عن رغبته في البقاء في تونس وتدريب أحد الفرق التونسية وقد يكون الترجي !
في مصر كان الفريق الأكثر جماهيرة وشعبية الاهلي يضرب بقوة في بطولة الدوري عندما أحرز اللقب وبفارق 17 نقطة عن أقرب منافسيه الإسماعيلي الذي اقتحم مركز الوصافة في الجولة الاخيرة للبطولة التي باتت باهتة نوعا ما مع عدم وجود منافس حقيقي لزملاء أبو تريكه . ولعل الموسم المنصرم يضع الكثير من علامات الاستفهام حول طبيعة المنافسة في ظل هيمنة الأهلي على اللقب ووجود فجوة كبيرة بينه وبين الغريم التقليدي الزمالك .. أما هذا الأخير فقد يكتفي بلقب كأس مصر . وهذا اللقب مهما كانت أهميته إلا أنه بالتاكيد غير كاف لجماهير القلعة البيضاء الذين باتوا يبكون على مجد ضائع ! فهل ستعود مجرسة الفن والهندسة ؟!
في الإمارات والأردن والكويت لم تكن المنافسة عادية بل بقيت حتى الجولات الاخيرة . فالشباب ضمن اللقب الإماراتي مع جولته الاخيرة . وكانت المصيبة تراجع مستويات فرق الوحدة والنصر والعين . أما الجزيرة فلم تغرق وبقي نجومها ينافسون وبكل قوتهم . وفي الأردن كان الوحدات هو الفريق الأبرز في بطولة الدوري الممتاز بعد حفاظه على اللقب وبعدما قدم نجومه بقوة للموسم المنصرم وفي مقدمتهم العامرين شفيع وذيب يضاف إليهم رأفت علي . ولكن الخروج القاسي للقلعة الخضراء على حساب العميد الأردني من بطولة الكأس قلل من أثر ضياع الدوري بالنسبة للنسر الازرق الفيصلي . أما في الكويت فإن فريق العاصمة وضع حدا مرة جديدة لمنافسيه وأنهى ظاهرة القطبين حيث اعتدنا مشاهد القادسية أولا والعربي ثان منذ سنوات عديدة أو العكس إلا أن فريق الكويت بنقلته النوعية في السنوات الأخيرة كان الأبرز كويتيا .
لعلنا نخرج بدروس وعبر مستفادة من كافة هذه الدوريات والدوريات الأخرى على مستوى العالم من أبرزها ..
كثيرة هي الفرق التي تضع جُل اهتمامها على بطولة الدوري تاركة لقب الكاس يضيع من يديها مع أنها لو قدمت ثلاثة ارباع ما قدمته في الدوري لكان اللقب من نصيبها وخير مثال على ذلك فرق ريال مدريد .. مانشستر يونايتد .. الاهلي المصري ..
دوريات عدة عرفت منافسة حتى الجولات الاخيرة ولم تفقد فرقها الأمل بل بقيت تكافح حتى آخر نفس لديها و منها من حافظ على الصدارة بكل قوة وأبرز الامثلة على ذلك فرق مانشستر يونايتد .. إنتر ميلانو .. بايرن ميونخ .. ليون .. الأهلي المصري الوحدات الأردني .. الشباب الإماراتي ..
مدربون ودعوا فرقهم لمجرد خسارة لقب ولم يشفع لهم مركز الوصافة .. والمثال على ذلك مدرب تشيلسي جرانت ومدرب النجم الساحلي مارشان
عدم مقدرة فرق عدة على المنافسة على أكثر من جبهة وفي مقدمتها فرق إنترميلانو .. ليون .. ريال مدريد .. بايرن ميونخ
على الهامش .. رسالة إلى من يهمه الأمر :
خرج الوحدات من كأس الاتحاد الآسيوي وخسر المنتخب مباراته الودية امام التنين الصيني !! فمن يتحمل المسؤولية ؟! عموما ، قلوبنا مع النشامى في موقعة كوريا الجنوبية .. وحدات فيصلي حسين إربد شباب الأردن رمثا ... فالمنتخب باق واسم الأردن باق والاشخاص يتغيرون !