الجوائز ومنها بل في مقدمتها نوبل ليست صكوك غفران، ويدرك كل من نالوا جوائز على اختلاف مستوياتها انهم ليسوا الوحيدين الذين يستحقونها وربما كان هناك من هو أجدر بها.
لقد ولدت جائزة نوبل للسلام كاعتذار من صاحبها عن البارود، لكن غباره ودخانه تسلل اليها كما تسلل الى كل شيء في عالمنا، فنال نوبل كتّاب من طراز عجنون وسيجرز وساسة من العالم منهم من رحل وهو موضع خلاف كما منحت لمؤسسات كتلك التي تركت الباب مفتوحا على مصراعيه للتأويل، سواء تعلق الامر باسلحة دمار شامل او اي شيء آخر . ولم ينلها من العرب خارج السياسة الا نجيب محفوظ وأحمد زويل اعترافا بما ابدعه الأول وما توصل اليه الثاني في مجاله العلمي.
وليست نوبل هي الجائزة الوحيدة التي تمنح احيانا بالانصاف او الارباع فهناك جوائز عديدة يقتسمها اكثر من عالم او كاتب.
وفي العقد الاخير منحت الجائزة لناشطين من العرب اقترنت اسماء بعضهم بالحراك السياسي تحت عنوان ما سميّ الربيع العربي، فهل يمكن التعامل مع هذه الجائزة باعتبارها براءة ذمّة أو تكريسا لقيم معيّنة، ام انها موضع جدل لمن يرون انها ليست محررة تماما من ظلال السياسة ومقايضاتها الدولية.
هذه المرة جاءت نوبل بنكهة الياسمين عندما منحت لرباعية الحوار التونسية، لكنها ايضا حملت نكهة القهوة والكاكاو، وهناك من ينظرون الى هذه الجائزة بشيء من القداسة وكأن اللجنة تمنحها معصومة لكنها تبقى منجزا بشريا وأرضيا يقبل النقاش.
ومنح هذه الجائزة بالانصاف والارباع وقد يأتي وقت تمنح فيه بالاعشار له دلالات منها تقديم الاعتراف لاكثر من شخص او جهة، يرى مانحو الجائزة انهم يستحقونها على قدم المساواة لكن المسألة اعقد من ذلك، فهناك موتى رحلوا ولم يظفروا بها رغم جدارتهم لأنها حكْر على الاحياء.
وشأن كل الجوائز، هناك بُعد ترميزي يشمل جيلا او ظاهرة لكن بعد تجسيدها في فرد او مؤسسة . اما من رفضوا قبول هذه الجائزة ومنهم برنارد شو وسارتر فقد كانت لهم اسبابهم تماما كما كان رفض الممثل مارلون براندو للاوسكار له اسبابه السياسية والاخلاقية فقد قال معتذرا عن قبولها ان ذلك دفاعا عما تبقى من شرف !!
الدستور