عندما تكون في الحي مشكلة عامة من نوع ما , يتدخل علية القوم إجتماعيا , فى مسعى محمود لحلها , ولسان حالهم في هكذا ظرف ينآى بالنفس عن الولوج في التفاصيل , والذهاب بدلا من ذلك إلى العموميات والقيم والمباديء التي تفترض أن لا تحدث المشكلة إبتداء , أما وقد حدثت , فأن ألامر يقتضي في شريعتهم إعمال العقل والترفع عن السفاسف ومقاربة التسامح كشيمة لا يزاولها إلا الكبار في أخلاقهم , ولا ينسون في خضم الحدث , ألتذكير بالمصلحة العامة وبصلات القربى وبكل ما يطيب النفوس , وغالبا ما ينجحون في مسعاهم هذا , ومن هنا يلجأ معظم من تواجههم مشكلات مع طرف آخر إلى كبير للمساعدة في تذليلها وإصلاح البين حتى قبل التفكير في اللجوء إلى القانون والسلطة الرسميه .
وبذات القياس , فالنخب السياسية في بلادنا , لا تعدو كونها نخبا إجتماعية إنخرطت في ميدان السياسه , أو هي نخب سياسية صارت بحكم الوظيفة الرسمية او النشاط السياسي العام , نخبا إجتماعية سواء كانت شاغلة للمنصب او غير شاغله , ومن هنا , فلا يليق بتلك النخب , إلا ان يكون كلامها كبيرا , وإيجابيا , وتوافقيا , يغلب عليه الخوض في
ما يتصل بالمصالح العليا والعامة , أكثر منه كلاما في التفاصيل الخلافية التي يكمن الشيطان دوما في ثناياها.
هذا زمان عربي وإقليمي ودولي ملتبس , والاردن وسط الزحام يعيش ظروفا غاية في الدقة والخطورة والحساسيه , فالنار تستعر في كل الإتجاهات ولظاها يصيبنا كل يوم , والمطامح والمطامع الإقليمية والدولية لم تعد تخفى إلا على فاقد بصر وبصيرة معا , ولا أحد غير الله جل في علاه , بمقدوره التنبؤ بالآتي خيرا أو شرا لا قدر الله , وعليه , فالاردن اليوم , واليوم بالذات , بأمس الحاجة لأن تخرج النخب من خلافاتها ومناكفاتها إلى ما هو أكبر , وإلى ما يرقى بالطرح ويسمو بالمواقف إلى حيث يجب ان تكون في ظروف وطنية خاصة كتلك التي يمر بها الاردن مرغما .
النخب الوطنية المحترمة التي أعرف معظمها وأعرف صدق وطنيتها واصالة إنتمائها , مدعوة اليوم تحديدا , لان تلتقي مواقفها وتتراص صفوفها لقيادة الرأي العام في إتجاه واحد هو المصالح العليا للوطن , ولا عذر لها في التردد , خاصة وأنها تدرك اكثر من سواها , حجم التحديات والمخاطر الخارجية المحيقة بالاردن هذا الأوان , وهي مدعوة لان (تكبر الحكي ) إن جاز التعبير , بما ينسجم ومتطلبات الظرف وحساسية التحديات .
كل الاحزاب وعلى إختلاف مستوياتها بلا إستثناء , مطالبة بحكم الظرف الصعب والمخاطر الجمة والتحديات الجسيمه , بأن تكون هي أيضا بمستوى التحدي , وليس سرا أبدا أن الاردن لايملك مواطنوه جميعا اليوم ترف ألإنشغال بالمهم عما هو أهم , وليس عدلا ابدا , أن ينخرط الجيش وقوى الامن وحدهم في مجابهة ومواجهة الخطر أعانهم الله , بينما ننشغل نحن جميعا بأمور لا أنكر أهمية بعضها وهشاشة بعضها الآخر, في وقت تشتد فيه الحرائق من حولنا ويكاد لهيبها يطال تلابيب ثيابنا , وكأن الامر لا يعني الكثيرين منا , ولا حول ولا قوة إلا بالله . فقط كبروا كلامكم ومواقفكم والله في عون الاردن وعونكم ما دمتم للاردن عونا لا عبئا لا قدر الله .