فلسطين تعلمنا معنى الحياة
د.مهند مبيضين
13-10-2015 02:59 AM
ما يحدث في فلسطين أبلغ من التفسير، الظلم والاحتلال، سببان كافيان لكل ما يجري، القدس جوهر الصراع صحيح، لكن السلام انتهى وما عاد لازماً، واسرائيل بعدما حاصرت حدودها بالأسوار لن تجد في النهاية إلا أن تنتهي محاصرة بأسوارها التي من صنع أيديها. لكن كيف انتفض الشعب من جديد وما حدود الهبة الجديدة وكيف ستفيد من التاريخ النضالي الفلسطيني كي لا تنتهي الهبة والصحوة المباركة بلا ثمن؟ أمس الاثنين كان ميدان الصراع في القدس، شاب فلسطيني نجح بيده المباركة بطعن شرطي اسرائيلي، وفي كل المناطق الأخرى هناك مبررات موضوعية لتنامي الصراع، وتوالي فصول المواجهة التي نأمل أن تظل مفتوحة، كي لا تنتصر آلة الحرب والدمار الاسرائيلي.
اليوم ثمة عامل مهم في الثورة الفلسطينية المجيدة، وهو الانتشار الفضائي الرقمي، على غير ما كان يحدث سابقاً، اليوم يشعل الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى جذوة المقاومة من جديد، تعود الروح الجمعية للفعل ذاته الذي ما غاب عن ناظر الفلسطيني المقاوم المناضل.
أطفال ونساء وشابات وشيوخ وشباب وأمهات من مختلف المدن والمخيمات تنقل صور الاستبسال الوطني، وتطلق اللغة للتعبير في سبيل انشاء نص مقاوم جديد يضاف لدعوات الصالحين وتباشير النصر والتمكين المختلفة لكي تبني جدارية الشعب المتجدد دوما.
أي محمول لغوي سيقوى على التعبير عن ما يجري في فلسطين، وأي لغة يريدها الفلسطيني كي يُعرف بنفسه للعالم ليقول: هنا أرضي وعرضي وشرفي وهنا كبريائي الذي صنعت، هناك لا يحدث الربيع العربي ولن يموت ولا يحيا، هناك فلسطين أم الثورات الحديثة وباعثة المجد المخلد بروح الأمة، وهنا سيعود ابناء الجليل و الكرمل يرددون قول سميح القاسم “منتصب القامة أمشي” أو قول درويش “عابرون في كلام عابر”.
ليتهما كانا حيين ليريا فضل شباب فلسطين وشاباتها، فضل الشرف الباقي هناك، في زمن صقوط الشام وبغداد وصنعاء وانشغال القاهرة بواقعها. ليت عرب الجامعة العربية يدركون ان ما يحدث هو في رئة الأمة “الضفة” و في “قلبها القدس”، وليس في ميانمار، وأنه بالأمكان استعادة الأوطان دون أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي.
هناك لن تجد اسرائيل حجة لتقول بأن داعش تواجهها او النصرة او أقيلة الإيغور، بل هم اهل الأرض الذين لم يبتعدوا يوما عن هواها وأرضها، هناك احفاد القسام واحمد ياسين وشبان فتح والشعبية وحماس، هناك شبان لم يسمعوا من رئيسهم وهو يقول :”لا نريد التصعيد” فقالوا: له “كش ملك” نحن نريد التصعيد لأننا نريد الأوطان.
هبة أم انتفاضة أم صحوة، أياً كانت التسمية إلا أن الشعب. قرر أن تعديات اسرائيل على القدس الشريف لن تمر بسهولة، وأن تخمين اسرائيل على أن انشغال العرب بواقعهم المفتت لن يعيد المقاومة من جديد ولن يحي الظمير الفلسطيني الذي ثبت بأنه حي لا يموت. اذن فلسطين تقاوم جماهيرياً بالحجارة والسكاكين وكل ما أوتي به المناضل الفلسطيني من قوة وحول، جماهير الشباب الجامعي وطلبة المدارس والنساء والشيوخ كلهم في جبهة واحدة، تتصاعد أفعالها المشرفة في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي كل هذا الفعل المبجل شعور عربي بنشوة الانتصار الفلسطيني، فبورك الشعب الفلسطيني شباباً وشابات وأمهات وأطفالا وشيوخا، وألف سلام على أرواح الشهداء.
الدستور