انها قسمة قد تكون عادلة بمقياس غير سياسي بين من ينتفضون ويستشهدون او يدفنون اطفالهم الذين اصطادهم القناصون والقراصنة وبين من يجلسون ساعات وهم يتناقشون حول الاسم المقترح لما يجري في فلسطين على امتداد تضاريسها ويتمحور هذا النقاش الذي يراوح بين السوفسطائية والبيزنطية. فهل ما يجري مجرد حراك موسمي ام انتفاضة ثالثة ام هو تعبير عن غيظ مكظوم بعد ان طفح الكيل.
ومن يعقدون حلقات النقاش البيزنطي او السوفسطائي حول تسمية ما يحدث في فلسطين ليسوا مستشرقين او قادمين من نيوزلندا واستراليا وبلاد الواق واق، انهم فلسطينيون كما تقول شهادات ميلادهم رغم ان شهادة الميلاد وحدها لا تكفي، فالقطط والدجاج وسائر الحيوانات والطيور تولد ايضا في اوطان، لكنها رغم عدم معرفتها باللغة وعدم ادعاء الوطنية تهاجر آلاف الأميال وتعود، ومنها ما يلقى حتفه كما يحدث لطائر السمان في هذا الخريف وكل خريف!
قِسمة قد نختلف حول كونها عادلة ام جائرة، بين من يشهر دمه على كفّه وما ان يفرغ من دفن أبيه او ابنه حتى ينهض ثانية ويقاوم وبين من يشهر لسانه ليصيب من يسمعونه بالرذاذ المتدفق من لعابه.
لقد اصبحت ردود الافعال أدنى بكثير من أضعف الايمان، ومن ليس لديهم خيول يهدونها ولا مال، ليس لديهم ايضا من النطق ما يسعد الحال.
وحبّذا لو يلوذ بالصمت من كانت سيرته الذاتية مجرد فرار او حفر أعشاش كطائر نقار الخشب تستوطنها الصقور والحدآت والغربان .
هي قسمة لا نعرف مدى عدالتها بين من يبحث عن مكان لاستشهاده او لدفن شهدائه وبين من يبحث عن اسم لما يحدث في مسقط رأسه ! هذا اذا كان له مسقط رأس!.
ولولا خشيتي من التأويل الذي يصل حدّ التقويل في ثقافة النميمة والاستعداء والوشوشة لأضفت بأن هناك من يزعجهم ما يجري في وطنهم لأنهم رتبوا اوضاعهم على نحو تصوروا انه أبدي.
كم من النذالة والجهالة والتمسحة والتشبه بالضباع يحتاج الانسان كي يواصل التهام طعامه وهو يرى امه تُذبح؟.
الدستور