التهاب الكبد الوبائي .. خطر يداهمنا
29-05-2008 03:00 AM
ظهرت في الآونة الأخيرة إصابات جديدة بمرض التهاب الكبد الوبائي خاصة بين فئة ما يسمون بأطفال المدارس ذات الأعمار مابين 6سنوات وحتى 13سنة في بعض مدارس المملكة ويعتبر مرض التهاب الكبد الوبائي من اخطر الأمراض وأكثرها انتشارا خلال العقد الأخير في معظم دول العالم ولكن بصورة أكثر من الدول النامية أو ما يسمى بدول العالم الثالث ذات الظروف الصحية والبيئية السيئة مثل دول شرق آسيا ودول أفريقيا الوسطى وبعض دول الشرق أوسطية , فمثلا في باكستان وحدها وصل عدد المصابين بالمرض من نوع ( C ) حسب الإحصائيات الأخيرة لوزارة الصحة الباكستانية إلى 8 ملايين مصاب ليدق جرس الإنذار معلنا أن هذا المرض هو مرض العصر وانه الأكثر فتكا بأرواح الناس حيث ربع الوفيات في باكستان سببها التهاب الكبد الفيروسي.
وللتعريف أكثر بمرض التهاب الكبد الوبائي ونقول انه عبارة عن مرض فيروسي ويمتاز الفيروس المسبب له بأنه لا يتكاثر إلا داخل خلية حية عائلة بحيث يقوم الفيروس بغزو هذه الخلية ويستعملها في عملية التكاثر فينتج عنه تدمير الخلية العائلة ولكنه يمتاز بأنه حتى وان دخل الخلية العائلة فانه لا يبدأ فورا بالتكاثر وتدمير الخلية , فلا يبدأ عمليته التدميرية إلا بعد فترة زمنية تتراوح من أسابيع إلى عدة عقود , ومن هنا جاءت تسمية المرض باسم ( القاتل الصامت ) فقد تمر عقود على المريض دون ملاحظة للفيروس ودون ظهور أعراض مرضية عليه.
ويوجد ثلاثة أنواع رئيسية من مرض التهاب الكبد الوبائي تختلف بناءا على سلالة الفيروس وعلى شكل المرض الناتج عنه , أولها التهاب الكبد الوبائي من نوع ( A ) وهو الأكثر شيوعا والأقل خطورة حيث تقتصر الإصابة فيه على حمى ضعيفة وإرهاق عام بالإضافة إلى ظهور الحمى الصفراء الناتجة عن تحلل كريات الدم الحمراء بذلك يظهر اللون الأصفر على المصاب على الجلد وملتحمة العين وبعض الأغشية داخل الفم والشرج والفتحات التناسلية وغالبا ما يصيب هذا النوع الأطفال دون سن العاشرة وغالبا تزول الأعراض لوحدها دون الحاجة إلى اخذ علاج باستثناء خافضات الحرارة وبعض المواد التي تقوي المناعة مثل الفيتامينات والمعادن بالإضافة إلى العناية بتغذية المصاب ببعض الأغذية التي تحوي نسبة عالية من السكريات بهدف تزويد الطاقة وسرعة التخلص من الفيروس , أما النوعين الآخرين من المرض فهما نوع ( B ) و( C ) وهما اشد خطورة وأكثر فتكا وغالبا ما تنتج الوفاة بعد الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي من نوع ( C ) الذي يتسبب بفشل في عمل الكبد وبالتالي فقر الدم الشديد وخلل وظيفي في الكلى والطحال ومعظم أعضاء الجسم مما يتسبب بالوفاة .
ويعتقد خبراء الصحة أن ضعف مستوى الثقافة الصحية لدى المواطنين بطرق الإصابة بالمرض هو السبب الرئيسي في زيادة عدد الحالات وتتلخص طرق العدوى بتلويث الدم بالفيروس الحي ويأتي ذلك إما من خلال نقل الدم أو من خلال الاتصال الجنسي مع الحاملين للمرض وقد ينتقل المرض من خلال الاستعمال الخاطئ للإبر الوريدية وإعادة استخدامها مثل فئات مدمني المخدرات أو استعمال أدوات حلاقة غير معقمة أو في حال الاستعمال المتكرر للأدوات الطبية في عيادات الأسنان دون تعقيمها بين مريض وآخر أو في حال الاحتكاك المباشر من إفرازات المريض , هذا وقد ظهرت بعض الحالات في الدول الفقيرة والتي ما زال الناس فيها يقومون بممارسات خاطئة مثل عمل بعض وصفات الطب الشعبي , بالإضافة إلى أن الفيروس ينتقل من الأم الحامل إلى جنينيها من خلال الحبل السري .
أما بالنسبة لعلاج المرض فلم يصل للأسف العلماء والأطباء إلى علاج ناجع ضد فيروس التهاب الكبد الوبائي ولكن الأمل بعلاج جديد ظهر مؤخرا من خلال ما توصل إليه علماء أمريكيون وبريطانيون إلى أن هناك جينات توجد في عدد من الناس تفسر سبب شفائهم الذاتي من المرض خاصة من نوع ( C ) حيث انه يوجد جين معين يدفع الجسم لان يطلق سريعا مناعته التي يطلق عليها اسم ( الخلايا القاتلة الطبيعية ) وقد تصل نسبة المصابين الذين يشفون تلقائيا من التهاب الكبد الوبائي نوع ( C ) إلى 20% من المصابين وبذلك يعتقد العلماء أن حل لغز هذا الغموض المتمثل بالشفاء الذاتي يمكن أن يشكل وسيلة جديدة لمعالجة هذا المرض الخطير وسوف يساعد على تطوير لقاح يمنع الإصابة به , غير أن الفائدة من هذا الاكتشاف قد لا تكون فورية خاصة إذا ما عرفنا عدد المصابين في الولايات المتحدة فقط إلى ثلاثة ملايين مصاب والى 80 مليون في مختلف أنحاء العالم والذي للأسف قد يتطور إلى سرطان الكبد ويتسبب بوفاة مابين 10-12الف شخصا سنويا في الويلات المتحدة وحدها.
وفي دراسة أمريكية أخرى بينت أن مادة (الفلافونيدا Phlaphonida ) التي تعطي الغريبفورت (النارينجين Narnjhn ) طعمه المر قد تبطئ تطور التهاب الكبد الوبائي من النوع ( C ) حيث تقترح الدراسة أن (النارينجين Narnjhn) هو مضاد للأكسدة يخفض الكولسترول وقد يساعد على تنظيف الكبد من فيروس ( HCV ) حيث أن الفيروس يعشق الارتباط بالكولسترول السيئ وينتقل معه لدى إفرازه في خلايا الكبد وبذلك يمكن إعطاء العلاجات الخافضة للكولسترول خاصة للمرضى الذين لا يستجيبوا لعلاج الانترفيرون ( Interferon ) , هذا ويوجد لقاح مضاد لالتهاب الكبد من نوع ( A ) و( B) ولكن غالبا ما تكون الكلفة المادية عالية ولا يمكن للمواطنين في الدول الفقيرة الحصول عليه .
وفي النهاية نقول أن مرض التهاب الكبد الوبائي هو مرض خطير يؤثر بصورة مباشرة على حياة البشر ويمتاز بسرعة انتشاره خاصة بين الفئات ذات الاتصال المباشر والقريب مثل طلاب المدارس وأفراد العائلة الواحدة , وان إتباع العادات الصحية الصحيحة مثل الاهتمام بالنظافة العامة وعدم استعمال أدوات المصاب الشخصية بالإضافة إلى الابتعاد عن العادات السيئة مثل المخدرات وغيرها تلعب الدور الأهم في تقليل عدد الإصابات بالإضافة إلى اخذ اللقاح في حال اكتشاف إصابة لشخص داخل العائلة , وكلنا أمل أن تتبنى الحكومة مشروع تطعيم وطني ضد هذا المرض القاتل لتطعيم الأطفال الرضع والحوامل أكثر الفئات تعرضا للإصابة .