فلسطينيون دون تنظيماتماهر ابو طير
12-10-2015 03:24 AM
خلال عقود انضم فلسطينيون الى تنظيمات وفصائل كثيرة، ومارسوا العمل السياسي والعسكري عبر هذه التنظيمات، وهي ايضا احكمت سيطرتها على كوادرها، بشكل طبيعي من حيث توجيهها الى ماهو مطلوب وفقا لكل فترة. في الانتفاضتين الاولى والثانية، كانت هناك قيادات موحدة، تشكلت من لجان شعبية، ومن تنظيمات مشاركة في الانتفاضتين. في حالات المواجهة العسكرية يخضع المنتمون لهذه التنظيمات لتعليمات واضحة، وايضا في حالات الهدنة او التوقف عن المواجهة يضبط المنتمون ساعاتهم وفقا لقيادة تنظيماتهم. المواجهات التي نراها في فلسطين، وسواء كانت انتفاضة او هبة، دائمة او مؤقتة، تأتي من جيل خارج التنظيمات على الاغلب، وهو جيل العشرينات، الذي ولد بعد اوسلو. لم ير هذا الجيل اي نتائج لما يسمى عملية السلام، وهو ذات الجيل الذي واجه وضعا معقدا في الضفة الغربية من حيث اعادة انتاج الضفة ومن فيها، بحيث لا تكون ضفة مواجهة، ما بعد الانتفاضة الثانية، خضوعا للسلطة ولفتح ولبقية التنظيمات، ومعه ايضا جيل في غزة، واجه حروبا دموية، وبقي تحت تأثيرات حماس وفتح بشكل او آخر، وهو ايضا واجه وضعا معقدا بسبب حصار غزة، وتاثيرات الحروب الاسرائيلية. ما تخشاه اسرائيل تحديدا، وما تقف امامه اغلب التنظيمات اليوم، يتعلق بالجيل الفلسطيني الجديد، فهذا جيل مختلف، ما بين تجربتي الحرب والسلم. جيل يرى في موضوع القدس والاقصى تحديدا سببا في هدم كل الثوابت والقوالب التنظيمية، ويأبى ربما الاستسلام للقاعدة التي تقول ان الضفة يجب ان تبقى هادئة، او ان غزة يجب ان تبقى فقط تحت حملات الطيران الاسرائيلي. ما الذي ستفعله التنظيمات الفلسطينية امام الجيل الفلسطيني الجديد، هل ستحاول ربطه بذات القاعدة التنظيمية لاستيعابه، والاستفادة من قوته ونشاطه وهمته، والتحكم بطاقة حركته، ام ستقف عاجزة امامه لصالح حركة شعبية بعيدا عن يد التنظيمات والفصائل؟!. في حالات كان يقال ان من اهم سلبيات العمل التنظيمي، السيطرة على الكوادر، وادارة الغضب، وهي سلبية خطيرة، لان التنظيمات هنا، دون انكار ارثها، تصير وكيلة بحيث تكبح جماح الفلسطينيين، نيابة عن اخرين، او حتى في حالات اخرى تزيد من غضبهم. لدينا هنا جيل فلسطيني جديد، يعبر عن موقفه بمعزل عن العضوية في تنظيم هنا او هناك، فالذي يخرج ليطعن بسكين، لا ينتظر تعليمات من تنظيم هنا او هناك، وهذا جيل لا يمكن مقايضة او مفاوضة ادارة تنظيمه لمنعه من الخروج، بل ان المفاجأة تكمن اساسا في انسياب رد الفعل هذا بمعزل عن ارضيات تنظيمية. لا يلغي هذا الامر انتماء البعض لتنظيمات هنا او هناك، لكننا نتحدث عن حركة شعبية دون ادارة تنظيمية، وكل ما نخشاه حقا، ان يسعى البعض لاستيعاب هؤلاء في اجسام تنظيمية، تؤدي في المحصلة الى تجميدهم، او حصرهم في اطار كوادر، بحاجة لتعليمات، حتى تقرر التعبير عن غضبها في وجه الاحتلال. غضب الشارع الفلسطيني دون تدخل تنظيمي ربما اكثر جدوى في هذه المرحلة، فقد خبرنا في حالات كثيرة تحول التنظيم الى اداة لتسكين غضب الشارع الفلسطيني، بذريعة الانصياع للتعليمات التنظيمية، وهي هنا، امر ملتبس في دلالاته العميقة.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة