لدينا تجارب عديدة ومريرة في كيفية رسم الخطط الاقتصادية والاجتماعية وتحديد الأهداف الطموحة والإعلان عنها في احتفال مهيب ومن ثم وضعها على الرف ونسيانها كلياً بانتظار مبادرة جديدة والبدء من الصفر مرة أخرى.
المبادرة الاقتصادية والاجتماعية في ُعرفنا ليست سوى مجهود إعلامي بالنسبة للسياسيين أو تمرين ذهني بالنسبة للفنيين، وليس من الضروري أن تعطي النتائج المرجوة.
لذلك سوف نظل نعود إلى (وثيقة الأردن 2025) لنذكر بها، ونؤكد أنها باقية أداة للمحاسبة، فإذا كانت الحكومة هي التي وضعت السيناريو المستقبلي ولم يفرض عليها، فلماذا لا تحقق ما رسمته أو أكثر منه.
ربما كان المؤشر الاول في هذا المجال هو معدل النمو الاقتصادي الذي يعكس ما يحدث في مجمل القطاعات الاقتصادية المختلفة، وكانت الخطة تتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي في السنة الأولى أي 2015 حوالي 55ر4%، ولكن للأسف لن يتحقق هذه السنة سوى نصف هذه النسبة.
في السنة الأولى لا تكون المعطيات قد تغيرت، وليس هناك مفاجآت لم تخطر بالبال منذ رسم الخطة، ومع ذلك فإن النمو المستهدف لم يتحقق، فماذا عن السنوات العشر القادمة.
إذا كان هذا هو الحال في السنة الأولى، فكيف سيكون الحال خلال السنوات العشر القادمة؟ وإذا صح أن الحكومة ستقوم بمراجعة الخطة وتعديلها بشكل دوري لتعكس الظروف المختلفة، فهل يجب أن تراجع تقديراتها لسنة 2015 سواء كانت السنة الأولى أو سنة الأساس.
تستهدف الرؤية أن تنمو جميع القطاعات بأسرع من النمو الاقتصادي العام، وبذلك ترتفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، ليس بالارقام المطلقة فقط، بل كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي أيضاً، وفي المقدمة الصناعة والإنشاءات والزراعة، مما يتطلب أن تنخفض حصة الخدمات من الناتج المحلي الإجمالي من 1ر68% في سنة الأساس إلى 4ر61% في 2025.
الجاري عملياً هو العكس تماماً، فالإنشاءات والصناعة والزراعة تعاني من التراجع أو الجمود، في حين تزدهر الخدمات وترتفع حصتها في الناتج المحلي الإجمالي.
نجد للحكومة عذراً في الظروف الصعبة وحالة عدم التيقن مما جعل التخطيط والرؤى المستقبلية نوعاً من التمنيات، علاقتها بالواقع ضعيفة إن لم تكن معدومة. الراي