محظور التجريب والمغامرة في الانتخابات النيابية في الأردن
محمد الداودية
10-10-2015 09:03 PM
يقال إن جماعة الإخوان المسلمين في الأردن ستحصل على 12-15 مقعدا لو جرت الانتخابات النيابية حسب "مشروع" القانون المقترح، وان المواطنين الأردنيين من الأصول الفلسطينية الكريمة سيحصلون على 35-40% من مقاعد مجلس النواب....الخ.
نفهم من هذا إن بالإمكان حساب توزيع المقاعد فور الإعلان عن مكونات قانون الانتخاب!! وقبل إجراء الانتخابات، وهو استنتاج صحيح 100% ويعني هذا الاستنتاج إن من يضع "مشروع" قانون الانتخاب لمجلس النواب يضعه وفق النتائج التي يريدها، فالنظام الانتخابي ذو الصوت الواحد عدة خيارات، والنظام الانتخابي ذو الأصوات المتعددة عدة خيارات، فمثلا: الخيار (أ) يعطي لجماعة الإخوان المسلمين 15 مقعدا ويعطي لأهلنا المكون الفلسطيني 40 % من مقاعد مجلس النواب أل 130. في حين أن الخيار(ب) يعطي لحزب الإخوان 20 مقعدا ويعطي للمكون الفلسطيني 42 %. أما الخيار(ج) فيعطي للإخوان 25 مقعدا ويعطي للمكون الفلسطيني 44%..... وهكذا.
بدهي جدا أن الذي يضع مشروع قانون الانتخابات النيابية هو مركز القرار في الدولة وأبرز مكوناته وأكثرها تأثيرا في الحياة العامة عموما وفي هذا الباب خصوصا هي دائرة المخابرات العامة التي تتوفر على المؤهلات والخبرات والتجربة والبوصلة والمعلومات الكاملة لوضع معادلة الانتخابات الوطنية الأقرب إلى التراضي والتوافق والقبول الوطني الأردني والتي لا تستفز الخارج أو التي تحظى برضاه.
وبدهي جدا أن ابرز هدف يسعى مركز القرار إلى الحفاظ عليه أو تطويره هو الحفاظ على الأمن الوطني والاستقرار.
كيف يتم الوصول إلى وضع مشروع قانون انتخابات نيابية مع الحفاظ على الأمن الوطني والاستقرار؟
لا يتراخى مركز القرار - ولا يجب- في هدف الحفاظ على الأمن الوطني والاستقرار ولو بنسبة 0,000001%، فلا يجب أن نسمح نحن المواطنين، وبالطبع لا يجب أن يسمح مركز القرار، بأن يتم التجريب في مسألة الاستقرار والأمن الوطني ومحرم تحريما تاما، احتمال وقوع مفاجآت والوصول إلى المجهول.
فلا مفاجآت في النتائج على الإطلاق، لا في حصص القوى السياسية من مقاعد مجلس النواب وربما في أسماء الأفراد الناجحين من بين المترشحين، إلا بنسبة قد لا تزيد على 10% !! لا أتحدث هنا عن تزوير أو تلاعب بالنتائج -وقد حصل هذا كثيرا وتم الاعتراف به - فبالإمكان تحقيق الهدف المنشود والحفاظ على الأمن الوطني والاستقرار عن طريق احترام الدستور وقانون الانتخابات والنزاهة.
لا يستقر مركز القرار على مشروع قانون انتخاب - ولا يجب - إلا بعد اختبار كل الأنظمة الانتخابية، اختبارا رقميا، يبين من سينجح لو تمت الانتخابات وفق النظام الانتخابي (أ) أو النظام (ب) أو النظام (ج)، ومن سينجح وفق الصوت الواحد، ومن سينجح وفق القائمة الوطنية، ومن سينجح لو جرت الانتخابات وفق قائمة المحافظة، او وفق القائمة النسبية المغلقة، او وفق القائمة النسبية المفتوحة ...الخ.
هذا السيناريو/التمرين الرقمي الاستطلاعي الاستكشافي الاختباري، الذي تعودنا عليه منذ نحو 25 عاما، هو تمرين متاح لمركز صنع القرار وهو أيضا متاح للإخوان المسلمين ولزمزم وللخرباوي وللتيار وللجبهة ولكل حزب أو قائمة او فرد ومتاح لكل من يمسك آلة حاسبة ثمنها 5 دنانير!!.
وبأمانة وبإخلاص وبوضوح كامل، فإنني اشكر شكرا عميقا مركز صنع القرار - المخابرات العامة الأردنية – على جهودهم المذهلة لحفظ امن بلدنا واستقراره في هذه الظروف التسونامية العاصفة وسيكون الشكر مطلقا ولا حدود له على إدارة اكبر تحدٍ راهن بكفاءة ونباهة وبالقانون، فلا حاجة أبدا لأي تلاعب او تزوير قد يزينه أو يغري به السياسيون المرتشون الفاسدون.
وقد وقفت على حوار من اجل عقد اتفاق/ صفقة بين الجماعة ودائرة المخابرات العامة في تشرين الثاني عام 1992 حين رتب أنبل أبناء الأردن الصديق الدكتور خالد الكركي رئيس الديوان الملكي حينذاك حفلا شعبيا ضخما في ساحات الحرس الملكي احتفالا بعودة الملك الحسين من رحلة العلاج الأولى، فأقيمت ما أطلق عليه د. الكركي مضارب بني هاشم وتمت دعوة آلاف المواطنين من كل أرجاء المملكة للسلام على ملكهم الأسطوري العائد سالما معافى.
على هامش ذلك الاحتفال التقى-على الواقف- دولة طاهر المصري ومصطفى باشا القيسي مدير المخابرات والدكتور عبد اللطيف عربيات رئيس مجلس النواب والقيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين وكاتب هذه السطور وكنت "مدير الإعلام والعلاقات العامة للديوان الملكي الهاشمي".
قال د.عربيات مخاطبا مصطفى باشا القيسي: يا باشا إن الإصرار على الصوت الواحد في الانتخابات النيابية، سيلحق الضرر بالديمقراطية، نحن على استعداد للتقدم بقائمة مرشحين للانتخابات النيابية نتفق عليها بحيث تتناسب مع حجمنا في الشارع ولا تثير فزعكم لو نجح كل أعضائها.
قال القيسي: ما عندي مانع، لكن ما هو حجمكم في الشارع أخي الشيخ عبد اللطيف؟
قال عربيات: حجمنا هو 20 نائبا.
قال القيسي: حجمكم هو 16 نائبا.
قلت: اعتقد أن بالإمكان الاتفاق ما دام هامش الخلاف ضيقا. ويمكن أن يعقد لقاء لاستكمال الحوار والاتفاق. لم يتم الاتفاق وترشح الإخوان المسلمون على قانون "الصوت الواحد" وفازوا ب 16 مقعدا في المجلس النيابي الثاني عشر 1993- 1997 الذي ترشحت له ونجحت عن محافظة الطفيلة.
سقت تلك الواقعة للبرهنة على أن "لوغارثمات الانتخابات" يمكن حلها على الواقف، فكما يفعل صاحب الاستبيانات طوني الصباغ يمكن أن يفعل ذلك غيره وان يتوقعوا نتائج الانتخابات مسبقا.