الجامعة الأردنية وعلي نصوح الطاهر
أ.د. سعد ابو دية
10-10-2015 01:44 PM
قبل أشهر قامت الجامعة الأردنية بنوع هام من التقدير لسيرة وعطاء علي نصوح الطاهر اذ وضعت تمثالا نصفيا له غرب كلية الحقوق وعلى مفترق الطرق ووردت في تلك الفترة سيرة مختصره جدا لهذا الرجل وأحب أن أضيف ما لم يذكر في سيرته ذلك..
ان (علي نصوح الطاهر) شخصية تستحق منا أن نتذكرها في أكثر من ميدان ومنها ميدان الزراعة ومستنبت الجامعة الأردنية والتي عندما تأسست وجدت انجازات الرجل جاهزة اذ تأسست الجامعة في اجمل منطقه في الاردن وكانت اشبه بمناطق قصور يلدز في تركيا ولا عجب ان فتن العثمانيون بهذه المنطقة ولم يخفوا اعجابهم بل نشروه على الملأ اذ قرأت في مرة في الصحف الصادرة في دمشق عام 1912 اشادة بهواء ومناخ هذه المنطقه صويلح وما حولها ويعتبر حرم الجامعة الأردنية من الاجمل بين قريناتها على الاطلاق حتى الان.
وعلي نصوح من مواليد يافا عام (1906) ذهب الى مصر وتعلم فيها قبل أن يعود إلى فلسطين ثانية للتدريس ولكن الأحداث السياسية طوحت به لينتهي به المقام في الأردن واستفادت الأردن منه كثيراً وأول مرة اسمع باسمه كنت في وزارة الخارجية عندما ذكر اسم الرجل كخبير في الحرم الإبراهيمي , بدأ حياته العلمية والعملية في الأردن وكان للزراعة حظ من خبرته اذ اغرق المكتبة بكتب هامة وعلى رأسها كتابه النادر الهام الموسوعي (شجرة الزيتون) الذي استغرقت كتابته أربعة عشر عاماً فجاء الكتاب فريداً في نوعه هاماً في مضمونه ونال التقدير الذي يستحق آخر العام (1960)..
ولنصوح انجازات قي الميادين الأخرى الدينية والاجتماعية والانثروبولوجية والحكومية والدبلوماسية اذ تقلب الرجل في الوظائف في الأردن فأصبح وزيراً ثم سفيراً ولكن ما ان احيل إلى التقاعد حتى عاد الى مصر واستقر في منطقة الشرقية وعندما اتيحت لي الظروف لأخدم في السفارة في مصر حرصت على لقاء الرجل فذهبت اليه واصطحبت دبلوماسيا كويتيا وقيل لنا انه في عزبة الشامي قرب التل الكبير فوصلناها مساءاً لكي أتفاجأ من مفاجأته وسببها انه استغرب ان هناك من يفكر فيه , وفي مكتبته إطلعت على مؤلفاته ومنها (أوائل السور في القرآن الكريم) والذي سبق الكاتب المصري مصطفي محمود في الوصول الى تفسير اوائل هذه السور واعتقد ولم اتأكد انه اسبق من مصطفى محمود في تفسير اوائل السور وله بعض الكتب الاخرى وهو شاعر وكان من جلساء الملك المؤسس رحمهما الله وله كتب مخطوطة عن الأنساب وعن شجرة العنب والمشمش والخروب..... ومن ابداعاته الشطرنج الذري الذي طور فيه الشطرنج العادي ليضم الاسلحة الحديثة وقد شرح لي فكرته عملياً , وقدم الشطرنج هدية للملك المؤسس عبدالله بن الحسين رحمه الله واهدى الملك الهدية الى الرئيس التركي عندما زاره ولما عاد جلالته الى عمان قال لنصوح الذي كان في إستقباله في المطار لقد (جملتنا)...كررت زياراتي لنصوح في عزبة الشامي عدة مرات وكنت آخذ له الصحف الاردنية التي كانت تسعده كثيراً وما ان عدت لعمان حتى علمت انه توفي وكنت سابقا قد علمت من مندوبنا الاسبق في الامم المتحده محمد الفرا الذي كان يزوره ايضا انه كان لايمل من الحديث عن زياراتي له وتقديره لها وللعلم فان اخر صور لنصوح هي تلك الصور التي اخذتها بالة التصوير بنفسي وهي مجموعه مختلفه يظهر فيها سعيدا ونشرتها كلها في مجلات وصحف اردنية وللعلم رافقني في كل تلك الزيارات ذلك الدبلوماسي الكويتي الذي كان مسرورا بالتعارف عليه وكان اكثر سعادة من علي نصوح ومازال يذكرني بزياراتنا لتلك المنطقه التي تعج بعبق التاريخ وهناك معارك احمد عرابي باشا مع الانجليز وفي المنطقه قبور الانجليز التي تلفت الانتباه وفي تلك المنطقه ايضا عادت بي الذكريات لوحدة العرب وكيف قاد هذا الرجل العراقي الاصل احمد عرابي تلك الثوره وكيف ضحى (ولدي قائمه بمشاهير مصريين من اصول عراقيه) وتتساءل كيف كانت الامور وكيف يريدون لها ان تكون؟
...
رحم الله نصوحاً وجعل في سيرته الزكية قدوة لمن أراد ان يعطي الوطن لايبالي ان كان العطاء في شرق الوطن أو غربه