سـؤال قديم: لماذا يتقدم العالم ونتخلف نحن ؟ وهو سؤال كبير لم يجرؤ كثيرون على الإجابة عنه ، ولذا سيظل مطروحاً على من يريد أن يفكر ويحلل ويتحلى بالجرأة الكافية ويواجهنا بالحقائق المرة.
سؤال جديد: لماذا ينمو الاقتصاد الصيني بمعدلات عالية حتى في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية ، وبالرغم من اعتماده الكبير على التصدير إلى أسواق العالم التي كانت تعاني من الكساد ، في حين يتراجع نمونا إلى مستويات متدنية مع أن صادراتنا تقل عن نصف مستورداتنا ، ونعتذر بالظروف الصعبة.
يقول الصينيون: نحن ننتج والعالم يشتري ، ونقول نحن: العالم ينتج ونحن نشتري. لا عجب إذن إذا حققت الصين فائضاً هائلاً في ميزانها التجاري ، وحقق الأردن عجزاً كبيراً في ميزانه التجاري.
الشعب الصيني لا يستهلك سوى 35% من الناتج المحلي الإجمالي ، مع أن مستوى معيشته ما زال أقل من مستوى معيشة الفرد الأردني ، والشعب الأردني يستهلك أكثر من 100% من الناتج المحلي الإجمالي ، ويموّل الفرق من حوالات المغتربين والمنح الخارجية.
الصين تقدم ظاهرة متطرفة في مجال خفض الاستهلاك وتشجيع الصادرات والادخارات والاستثمارات وتراكم الاحتياطات ، والأردن يقدم ظاهرة متطرفة في تضخم الاستهلاك وضعف الادخارات وبطء الاستثمارات وتراكم الديون.
الأردن يشكو من مديونية ثقيلة تشكل خدماتها عبئاً على اقتصاده ، والصين تشكو من دائنية كثيفة وتحتار في كيفية استثمارها بالدولار أو بأي عملة أخرى ، ولن نستغرب إذا لجأت إلى شراء وتكديس الذهب.
في المجال الاقتصادي أيضاً اطلبوا العلم ولو في الصين ، فهي النجم الصاعد على المسرح الدولي ، وفي طريقها لأن تتجاوز أميركا وتصبح القوة العظمى الأولى في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية ، وكما كان القرن العشرون قرناً أميركياً ، فإن القرن الحادي والعشرين ربما يكون قرناً صينياً.
قبل عقدين من الزمان توصلت أميركا إلى أن التحدي الحقيقي لانفرادها كقوة عظمى يأتي من الصين ، وتم ترشيحها لتكون العدو الجديد بعد سقوط الشيوعية والاتحاد السوفييتي ، ولكن منظمات الإرهاب الدولية أسدت إلى الصين أكبر خدمة ، وحولت أنظار الباحثين عن عدو ، من الصين إلى الإرهاب الدولي.
الرأي