تصدي وشراكة مع الفلسطيني ولكن ..
بسام بدارين
28-05-2008 03:00 AM
فهمنا بوضوح سواء من ما تسرب من بعض الاجتماعات المغلقة او مما نشره بعض الزملاء وتحدث به بعض ساستنا علنا وسرا بأن الدولة الاردنية بكل مكوناتها تواجه مرحليا تحديا كبيرا يحمل عنوان غياب حلم الدولة الفلسطينية .
وفهمنا ايضا بالسياق ان حلفاءنا الامريكيون يضايقوننا ولم يعد يوجد ما يمنعهم من ( خيانتنا ) علي حد تعبير الصديق ممدوح العبادي وان اشقاءنا في دول الخليج طلبوا منا صراحة مساعدة انفسنا وان زمن المساعدات النفطية وغير النفطية قد ولى بغير رجعة وان الحائط في وجههنا وامامنا خيار واحد كرره جلالة الملك عبد الله الثاني اطال الله عمره صراحة وهو ( علينا ان نعتمد علي انفسنا ) .
وحتى نكون مباشرين اكثر نقول فهمنا بشكل مكشوف ودون لف او دوران وجود احتماليتين كل منهما اسوأ من الاخرى الاولى جلوس الايراني والاسرائيلي على الطاولة لتقاسم النفوذ في المنطقة , والثانية تتعلق باقترابنا اكثر ولاسباب اقتصادية بالمقام الاول من مسافة الخيار الاردني الذي نرفضه بداية جملة وتفصيلا وقبل اي نقاش .
سلسلة الاستنتاجات هذه دفعت انشط اصدقاءنا في السياسة والبرلمان والصحافة والامن للتحدث عن مشروع وطني تحت عنوان استراتيجية للتصدي لاي خيارات يمكن ان تفرض علينا لاحقا كاردنيين .
وفي احاديث الكواليس عشرات التفاصيل والمشاهد الجزئية لكن المتفق عليه كما نقرا المشهد الان هو:
- 1- الحاجة ملحة لتمتين الجبهة الداخلية والعودة لخيارات الديمقراطية والاصلاح والحريات وهي عودة نأمل مسبقا بان لا تكون استهلاكية او تكتيكية لان المسالة تمس الان وجودنا كأردنيين , - 2 - والحاجة ملحة ايضا لحوار مفتوح وصريح واستراتيجي مع عمقنا الفلسطيني وتحديدا في الضفة الغربية بكل تراكيبها بعد ان اصبح هذا العمق هو الوحيد المتاح امامنا مرحليا واستراتيجيا بعدما خذلنا نفطيا الخليجيون ..ابتعدت عنا سياسيا مصر والسعودية و.. توترت علاقتنا بسوريا وقطر والي حد اخف بالعراق الجديد وبلبنان الأجد .
بهذا المعنى الشراكة مع الفلسطيني ولا اقصد محمود عباس او محمد دحلان او جبريل رجوب فقط بل الفلسطيني بكل مكوناته اصبحت بمثابة خيار استراتييجي وحيد لا يمكن تجاهله ولا التعامل معه في اطار التذاكي فقط فمشروعنا في التصدي اذا كنا جادين مرهون بهذه الشراكة .
في الاطار الداخلي هناك تفاصيل كثيرة معروفة في اغلبها لكن في الاطار الفلسطيني وهو ما يهمني الان لا بد من التعامل مع سلسلة من الانطباعات والتقديرات والاراء التي سمعتها شخصيا في الايام العشرة الاخيرة سواء من اردنيين مخلصين وقلقين وطنيا او من فلسطينين يحرصون علي الوطن الاردني بمقدار حرصهم علي وطنهم .
.. محصلة هذه القراءة تقول بضرورة اتخاذ بعض الخطوات الاساسية في اطار تمتين الجبهة الداخلية اولا ثم الانفتاح غربا علي جبهتنا في الضفة الغربية ..
تنويع حلقة اتصال خلايا العمل مع ممثلي وقادة الراي في الضفة الغربية بدلا من الاكتفاء ببعض المخاتير والنخبة المحيطة بالرئيس محمود عباس وبدلا من الاكتفاء بالاستقبالات الحارة والدافئة للمفاوضين والامنيين فقط من الفلسطينين مع الاحترام الكبير للجميع .
فتح حوار سريع وبدون تعقيدات او شروط مع حركة حماس للتفاهم استراتيجيا وامنيا علي المسقبل في اطار قنوات يعرف صناع القرار انها تتمتع بالحرص والمصداقية واستغلال شغف بعض قادة حماس بللانفتاح والتحاور مع الاردن وترك سياسة اغلاق الابواب والنوافذ في وجه ممثلي نصف الشعب الفلسطيني علي الاقل حتى لا نضطر لمفاوضتهم لاحقا بعد ارتمائهم في احضان الاخرين وتحديدا في سوريا وايران .
تفعيل القنوات الدبلوماسية والامنية والسياسية الاردنية في اطار مهمة وطنية مركزية الان لتقصي الحقائق ومعرفة حاجات ومتطلبات المجتمع الفلسطيني بعيدا عن المؤسسات الرسمية حتى نتمكن من توجيه مساعدتنا للفلسطينين بالاتجاه الصحيح .
عقد مؤتمر خاص بالمثقفين وطبقة النخبة والمفكرين وكبار الاعلاميين الفلسطينين المقيمين في الخارج من اصحاب المساهمات الاساسية في القرن الحالي وهؤلاء كثر ولم يسبق لنا في عمان ان التفتنا لهم على ان تشمل استضافتنا من نصنفهم بسبب الحرص او الغباء في دائرة الخصوم والكارهين والمبغضين لنا وهو مؤتمر يمكن ان نحوله ببساطة لسلاح قوي في ايدينا بسبب مكانة هؤلاء في العالم .
وحتى نقوم بجهد منتج ونلمس اثاره في اسرع وقت لخدمة مشروعنا الوطني في التصدي للسيناريوهات الصهيونية لا بد من خطوات اخرى بدون مماطلة او تسويف مثل :
- فتح قنوات الاتصال بالباحثين والمثقفين في الداخل الفلسطيني وتحديدا رواد المجتمع المدني وطلبة الجامعات وغير المحظيين فلسطينيا من المؤثرين في المجتمعات المحلية على ان تفتح هذه القنوات بعيدا عن طبقة ( المتعهدين والمقاولين ) الاردنيين والفلسطينين الذين استخدمناهم في الماضي في حوارات لم تكن منتجة ولم تكن عملية .
- المباشرة في احراق او اتلاف ملفات القيود الامنية التي تعود لاكثر من عشرين عاما الي الوراء وتخص فلسطينيين تشير سجلاتنا الي انهم اساءوا لنا في الماضي وتبييض هذه القيود وفتح صفحة جديدة خصوصا بعدما إتضح لنا بان أعداء الأردن الأن يجلسون في دائرة {التطرف الديني- الإرهابي} وليس التطرف الفلسطيني وهؤلاء منهم وبينهم العشرات من الأردنيين وبعضهم قادة إرهاب من صلب اهم عشائرنا كما يعلم الجميع.
- قرار واضح وصريح من عقل الدولة الاردنية ومؤسساتها المرجعية يحدد واقع ومستقبل التعليمات السيئة والفضفاضة والتي تم التلاعب بها عدة مرات وتحمل اسم ( فك الارتباط ) وحسم الامور بواحد من خيارين .. أ - تحويل هذه التعليمات الي قانون مقنع للاردنيين وللفلسطينيين معا وبناء العلاقة في المستقبل عى هذا الاساس او ب- الغاء هذه التعليمات ووقف العبث بها وتجميد تطبيقاتها بدون الاضطرار للعودة الي صيغة ما قبل عام 67 .
- وقف توجيه الأسئلة في المطارات والمعابر والحدود عن إسم الأم ومكان الإقامة قبل ربع قرن لكل فلسطيني يحمل وثيقة سفر او جنسية أجنبية ووقف الإستدعاءات والإستجوابات غير المبررة وإحتجاز جوازات السفر في السياق ومعاملة الفلسطيني الزائر المتمع بوثيقة غير أردنية كمعاملة اي زائر او ضيف آخر في المملكة.
-تغيير سريع لكل طرق تعاملنا مع المعابر وعلى الجسور ووقف الإجتهادات الفردية بخصوص بطاقات الجسور ووضع تعليمات واضحة وشفافة ملزمة للجميع وتحديدا للموظف الأردني قبل الضيف الفلسطيني.
.. وفي الختام.. طبعا هذه مجرد توصيات وأفكار سمعناها من فلسطينيين محبين وأردنين مخلصين ووظيفتي انا الكاتب أن أبلغها .. فاللهم إشهد اني قد فعلت في هذا اليوم وعلى هذا المنبر وألله من وراء القصد.
ملاحظة أخيرة على الهامش.. تقول الأخبار ان طهران عدوة الشيطان الأكبر تمكنت من إستمالة صحفيين وإعلاميين كبار في بريطانيا للعمل معها في محطة تلفزيون فضائية ستبث قريبا باللغة الإنجليزية وستوجه لكل شعوب المنطقة كما تخطط قريبا لإقامة خمس محطات تلفزيونية ناطقة بالعربية لشعوب المنطقة أيضا .. فماذا نفعل نحن؟.. كل ما نهتم به الأن {إقناع} إعلاميون صغار آمنوا بربهم وقيادتهم وفكروا بالإنجاز عبر محطة {حلم} إسمها {إي.تي.في } بأن توقيع عقود عمل مع تلفزيون على غرار الجزيرة يؤسسه نجل زعيم ليبيا سيف الإسلام القذافي قد يكون خيارا صائبا .. هنا أيضا ألله من وراء القصد.