مشروع قانون الانتخاب .. "تحليل سوسيولوجي"
د مجد الدين خمش
08-10-2015 02:09 AM
مشروع قانون إصلاحي، تقدمي بمباركة سامية من جلاله الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم ، وبجهود حثيثة من قبل الحكومة الرشيدة، ومناقشات مستمرة من قبل مجلس النواب ، والنخب السياسية . مشروع قانون يوحّد الأردنيين ، ويجمع شملهم بالتآلف والتحالف ، والمشاركة . يدعّم الطبقة الوسطى في المجتمع ، ويزيد من معدلات التنمية السياسية.
أ. يتضمن القانون ، ويحقق بعد إقراره المكتسبات الأساسية التالية
* إلغاء الصوت الواحد، ومغادرته نهائيا، والتخلص من المجادلات المتشجنه حوله.
* إعتماد القائمة النسبية المفتوحة علىمستوى المحافظة، أو الدا\ئرةالإنتخابية في المدن الكبرى (عمان، أربد، الزرقاء) بما يؤدي الى زيادة المشاركة، وزيادة التمثيل السياسي.
* إلغاء عملية التسجيل المسبقة للناخبين، واعتبار أن كل الأردنيين الذين يحملون أرقاماً وطنية لهم الحق في التصويت بما يسهّل على المواطنين ، ويزيد في نسب المشاركة في التصويت (أو الاقتراع).
* إعتماد معايير دولية في تحديد الدوائر الانتخابية، وعددها، وهي: الديمغرافيا (عدد السكان، والكثافة السكانية)، والتنمية، والجغرافيا.
* الكوتا للمسيحيين ( 9 مقاعد ) ، والشركس والشيشان ( 3 مقاعد ) ، ومقاعد، مناطق
* البادية: بدو الشمال (3 ) مقاعد، بدو الوسط ( 3) مقاعد، بدو الجنوب (3) مقاعد . الكوتا للمرأة 15 مقعداً+3 خارج الكوتا، (بدأت ب6مقاعد، وحصلت المرأة على 15 مقعداً + 3 مقاعد من خارج الكوتا) .
* البواقي، اعتماد الباقي الأعلى للفوز ، وهي الطريقة الأبسط للقرار.
* عتبة الحسم 2%، أو 3% ؛ من لا يحقق هذه النسبة من الأصوات يخرج.
* تقليل عدد مقاعد مجلس النواب من 15 مقعداً إلى 130 مقعداً نيابياً.
* دور أساسي للهيئة المستقلة للانتخاب، لا سيما في العمليات الفنية ، واللوجستية.
ب. أبعاد ونواتج مجتمعية متوقعة للقانون
لكل مشروع قانون أهداف ونواتج، وتداعيات مجتمعية محسوبة مسبقاً، ومتوقعة، لكن هناك نواتج، وتداعيات قد تكون غير محسوبة، وغير متوقعة ترافق اعتماد أي برنامج، أو قانون، أو سياسة جديدة، أغلبها إيجابي لكن بعضها قد يكون سلبياً، وهو ما يؤكد أهمية ودور المناقشات والمداولات العامة قبل إقرار مشروع القانون، من خلال منظور مستقبلي يعتمد رؤيا إستشرافية مدعّمة بالأدلة.
* التخلص من التواترات المجتمعية والثقافية المصاحبة للمجادلات حول قانون الصوت الواحد ، وضرورة مغادرته وتوفير الطاقات والجهود الفكرية لمناقشة أمور أخرى تهم المجتمع، مثل الوضع الاقتصادي، وزيادة الاستثمار، ومكافحة الفقر، وعالجة البطالة .
* الوصول إلى حالة توافق مجتمعية قوية على قبول وتاييد هذا المشروع بين قادة الرأي بشكل خاص. حيث يتبين من إستطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية الذي أجرى في شهر أيلول 2015 أن 82% من قادة الرأي في الأردن يؤيدون مشروع القانون في صيغته الحالية التي
قدمت من قبل الحكومة ، فيما أفاد 18% فقط معارضتهم للمشروع. وجاءت أعلى نسبة تأييد لمشروع القانون بين فئات كبار رجال وسيدات الدولة 97% وأساتذة الجامعات 96% ، وقيادات النقابات المهنية والعمالية 87% . فيما جاءت أعلى نسبة للمعارضة كما بيّن الاستطلاع المشار اليه من فئات القيادات الحزبية 24%، وكبار رجال وسيدات الأعمال22%، والمهنيون المتخصصون 21% .
* كما أيّد أغلبية المستجيبين (92%) خفض عدد مقاعد مجلس النواب من .15 الى ، 130 مقعداً ، فيما عارض ذلك 18% من المستجيبين هذا البند .
* الدمج الاجتماعي والتقريب بين الناس من خلال تدعيم التحالفات الانتخابية على مستوى المحافظة، بما يقلل من تأثير الهويات الفرعية الضيقة التي نتجت عن اعتماد الصوت الواحد في انتخابات سابقة. فالقائمة النسبية المفتوحة تجمع وجهاء، وقيادات ، وحزبيين ، وأشخاص مستقلين من مختلف العشائر، والفئات الاجتماعية من شتى الأصول والمنابت للعمل سوياً لتقديم برامجهم الانتخابية، وحشد التأييد لهذه البرامج بين قواعدهم الانتخابية .
* استثمار الأحزاب السياسية للقانون بتشكيل قوائم نسبية مفتوحة بالتحالف مع تيارات اجتماعية او أحزاب سياسية، او تجمعات عشائرية، أو قيادات مجتمعية، وحزبية . يتم ذلك على مستوى المحافظة حيث أن كل محافظة هي دائرة انتخابية واحدة، أو على مستوى الدوائر الانتخابية في المدن الكبرى حيث أصغر دائرة انتخابية تتكون من ثلاثة مرشحين مثل العقبة ، ومناطق البادية. وقد تتكون الدائرة من 22 مرشحاً كما في الدوائر الانتخابية في المدن الكبرى .
وقد تبين من استطلاع الرأي المشار اليه سابقا أن أكثر من نصف المستجيبين (60% ) يرون أن مشروع القانون يعزز الحياة الحزبية . كما يعتقد 58% أن هذا المشروع يزيد من تمثيل الأحزاب في مجلس النواب.
* زيادة المشاركة في الترشيح للانتخابات النيابية القادمة حيث أن القوائم النسبية المفتوحة متاحة للجميع ، وسهلة التشكيل، ولا تحتاج إلى كثير من الموارد والتكاليف . كما يتوقع نتيجة لذلك زيادة نسبة الاقتراع، أي القيام الفعلي بالتصويت.
وقد أكدت الأوراق النقاشية الملكية على المواطنة الفاعلة المشاركة، وهو مفهوم عميق غني بالمعاني النبيلة التي تؤدي الى ترسيخ ثقافة المشاركة السياسية، بما يزيد من معدلات التنمية السياسية في المجتمع .
* حماية الطبقة الوسطى بتدعيم دورها السياسي في المجتمع وذلك بتسهيل تشكيل القوائم النسبية المفتوحة، واعتماد سقف مالي للمرشح للإنفاق على الحملة الانتخابية. وضمان حصانة المواطن الذي يبّلغ عن حالات شراء الأصوات باستخدم المالي السياسي بما يضعف كثيراً من دور هذا المال ، وبما يمكّن المرشحين من الطبقة الوسطى من الإنفاق على حملاتهم الانتخابية بحيث يضمنون لانفسهم تنافساً عادلاً مع مرشحين آخرين من أصحاب رؤس الأموال.
* الكوتا، تمييز إيجابي يتفق مع الدستور الأردني – كما أوضح ذلك دولة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور - وحاجات المجتمع في ضمان عدالة التمثيل السياسي للمكونات الديمغرافية في المجتمع . فهى – أي الكوتا - تدبير خاص لتحقيق المساواة، وتسريع تحققها حيث كان ذلك لازما كما - يبين أصحاب الاختصاص في القانون.
يذكر البعض المادة (6) من الدستور الأردني التي تتضمن مبدأ المساواة وعدم التمييز على أساس العرق أو الدين، أو اللغة. المقصود هنا التمييز السلبي الذي يضعف المساواة ، لكن الكوتا كما ينظر إليها قانونياً تمييز إيجابي، فهى تدبير خاص لضمان وصول فئات محددة لوضع المساواة بما يضمن وجود ممثلين عن فئات اجتماعية محددة في مجلس النواب بالحد الأدنى .
بدون هذا التدبير الخاص قد يتعذر وجود مثل هؤلاء الممثلين ؛ فالكوتا نظام منسجم مع الدستور، يحقق مقاصده في ضمان المساواة.
فيما يتعلق بكوتا المرأة يكرر البعض التذكير بإن المرأة نصف المجتمع تستطيع انجاح من تشاء ، وعدم انجاح من تشاء . وهذا كلام مضلل ؛ فالمرأة انتخابياً ليست رأي واحد، أو جماعة واحدة لها نفس التوجهات الانتخابية . فهناك المرأة في الريف والبادية، وهي تنتخب عشائرياً المرشح الذي تتفق عليه العشيرة ؛ وهناك المرأة ضمن الجماعات الدينية وهي تنتخب المرشحين المحسوبين على هذه الجماعات ؛ وهناك المرأة الحضرية التي تنتخب المرشحين الليبراليين بما في ذلك المرأة.
الواقع الاجتماعي فيما يتعلق بالمرأة تمييزي بالمعني السلبي يضعف فرص المرأة في مساواتها مع المرشحين الرجال في السعي للفوز ، قال الشاعر:
ألقاه في اليّم مكتوفاً، وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء.
وليس أفضل من الدولة ، والمؤسسات السياسية الوطنية ، لا سيمّا مجلس النواب ، ومجلس الأعيان لتفكيك هذا الواقع التمييزي السلبي ضد المرأة ومشاركتها في الحياة العامة ، بما تمثله الدولة ، ومؤسساتها الوطنية من عدالة ، وشرعية سياسية ، وحرص على تحقيق التمثيل العادل لفئات المجتمع .