حجر في بئر .. يحتاج مئة حكيم لإخراجه
اسعد العزوني
07-10-2015 01:48 PM
وكأننا في الأردن، نعيش حالة من الطمأنينة غير المسبوقة، ننعم فيها بالأمن الإقليمي، وبالعلاقات الحسنة مع الجوار، فلا النار تشتعل في سوريا، ولا التدخل الروسي فيها عجل من وتيرة الحرب العالمية الثالثة، التي ستكون دمارا شاملا ليس للإقليم فحسب بل للعالم أيضا، لأن اطرافها ليسوا أبناء عشيرة تجمعهم مساحة واحدة، بل هم قوى يتفرقون في أقاصي العالم، ولكنهم إجتمعوا علينا، لأننا أصبحنا القصعة التي تداعت عليها كل الأمم.
وكأننا أيضا لا نعاني من تبعات الإحتلال الأمريكي للعراق منذ ربيع العام 2003، والذي نجم عنه شطب العراق وتشتيت أهله، والأخطار الناجمة على الأردن من ذلك، وخاصة بعد زرع فرع الخدمات السرية الإستخبارية الإسرائيلية "ISIS"، المسمى داعش في العراق وتواجده في غرب العراق المحاذي للأردن.
وكأن الأردن الرسمي والشعبي لا يترقب تداعيات جنون مستدمرة إسرائيل التي تخطط لتفجير انتفاضة فلسطينية، من خلال تدنيس الأقصى في الأعياد اليهودية، من أجل شطب القضية الفلسطينية وتهجير ما تبقى من الفلسطينيين إلى الأردن، لإنشغال المجتمع الدولي في سوريا وليبيا والعراق وفي الحرب على ما يسمونه الإرهاب وكذلك في مواجهة صنيعة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والموساد الإسرائيلي داعش، والثمن الذي يتوجب على الأردن دفعه إزاء هذه الألغام المتفجرة، إضافة إلى الحال العربي الذي نعرف أنه لم يسهم يوما في حماية الفلسطينيين ولا مساندتهم، سوى بالتصريحات الإعلامية التي تسهم بتلويث الأثير الملوث أصلا برائحة بارود مدافع وطائرات مستدمرة إسرائيل.
الأردن الرسمي وعلى مستوى العرش منهمك في متابعة مجريات الأمور ليكون في صورة ما يجري، ووزير خارجيتنا منهمك في قصف مستدمرة إسرائيل بالتصريحات الثورية لتحميل الأردن ما ليس باستطاعته، لأن الكلمة مسؤولية، ونحن كذلك ملزمون بدفع ثمن تصريحات وزير خارجيتنا، لأنه ورغم تصريحاته النارية التي يحذر بها مستدمرة إسرائيل، إلا أنهم واصلوا تدنيس الأقصى وهاهم يقتلون ويجرحون ويخنقون بقنابلهم الغازية أبناء الشعب الفلسطيني، ونحن نقف معهم بتصريحات وزير خارجيتنا.
أما الأردن الشعبي، فأعانه الله على ما فيه لأنه يعيش مرحلة ترقب من مجريات الأمور في المنطقة برمتها، فرغم أنه نجا من مصير "الربيع العربي " وما يزال متماسكا، إلا أنه حاليا دخل مع الجانب الرسمي في مواجهة ليست في محلها ولا في توقيتها، ونحن أصلا لسنا هكذا، لأننا بطبعنا وحدويون عروبيون رغم أوضاعنا وما نعاني منه، حيث أن الأشقاء المترفين تركونا نصرخ يا وحدنا، وبتنا نهبا للمؤسسات المالية اليهودية وهي الصندوق والبنك الدوليين اللذان يرسمان لنا خطواتنا وهما أساسا البلاء في الدول النامية ومفجرا الثورات بسبب توصياتهما المذلة للشعوب.
نحن الآن امام محنة يجب ألا نتحمل مسؤولياتها ولا تبعاتها لا كقيادة مستنفرة هذه الأيام، ولا كشعب يترقب، ولا حتى كمجلس نواب، كان يجب أن يكون أعضاؤه في مستوى غير المستوى الذي يظهر فيه بعض نوابه. النائب المحترم هو الذي يكون معززا لوطنه وداعما بفهمه للأمور لقيادته وممثلا مشرفا لشعبه، لأنه من المفترض أن يكون مرآة لشعبه لا يعكس إلا ما هو جميل، وإن أخطأ معه أحد فعليه وتقديرا وإحتراما لمنصبه أن يعفو ويصفح، لكن هناك من وصل إلى تحت القبة وهو لا يستحق ذلك، بل جاء بطريقة هو يعرفها قبل غيره، فلذلك جاءت تصرفاته إنطلاقا من كونه لا يستحق أن يكون ممثلا للشعب ولا نائبا عنه يرعى مصالحه ويراقب الحكومة ويشرع لها. مثل هذا النائب يحتاج لمن يرشده للتصرف السليم، وكيف يجب أن يكون عنصرا إيجابيا ومثلا يحتذى، لكن يبدو أن البعض أجبرنا على دفع ثمن تصرفاته الخرقاء، وآخر تصرف أحمق توجب علينا كقيادة وشعب أن ندفع ثمنه هو قيام نائب وشقيق له وأقرباء بالإعتداء على أخ لنا من المحروسة مصر يعمل في بلدنا ويخدمنا بشرف.
نحن وقبل كل شيء ننظر إلى المحروسة مصر على أنها أمنا المصون رغم ما نراه فيها، ونحن نعلم أن أهلنا في مصر ليسوا مسؤولين عن تلك التصرفات، وهذا على المستوى الإقليمي. أما نحن في الأردن فعلينا الاعتراف وليس عيبا أن إخوتنا المصريين أصبحوا يشكلون حجر الأساس في حياتنا، فأينما تول وجهك فثمة أخ مصري يعمل في كل النواحي الأساسية من البناء إلى الزراعة وفي الشركات وحتى في أمانة عمان حيث إنخرطوا في أشرف المهن وهي عامل وطن. حاليا نحن في الأردن الرسمي وفي الأردن الشعبي منشغلون بمعالجة جريمة إرهابية بإمتياز لم يرتكبها جاهل أو أحمق، بل إرتكبها نائب في مجلس الأمة، وإشترك فيها مع شقيق له وبعض أقاربه الذين كانوا يصطافون في العقبة وإعتدوا مجتمعين مع شقيقهم النائب على من ؟..على أخ لنا من المحروسة مصر هرب من ضيق الحال إلى حيث كتب الله له الرزق، وقاموا بالإعتداء عليه لأنه وحسب ما يقال أخطأ في الطلبية حيث يعمل في أحد المطاعم، وهنا يتوجب تقديم العصابة إلى محكمة عسكرية لينالوا أقصى حدود العقوبات،لأنهم أساءوا للقيادة اولا ولنا كشعب ثانيا.
الصورة التي سربت للأخ المصري لا تدل على أن هناك نائبا مشرعا مراقبا للحكومة ويمثل الشعب شارك في الجريمة، ولا حتى شقيقا أو قريبا للنائب، بل أن الأخ المصري تعرض لعصابة يقودها نائب ليس إلا. المتابع لمجريات القضية يلحظ أن الكبر الذي تلبس النائب وعصابته، ألحق الضرر الكبير بالأردن الرسمي والشعبي، لأنه اضطر الأردن الرسمي للإنشغال بقضية كان يجب ألا تحصل، كما ان الشعب الأردني بكافة أطيافه يشعر بالخجل الشديد من هذه الفعلة النكراء، ولا أريد أن أقول أن ما نشعر به هو خزي، لعدة أسباب أولها أننا نفتخر ونعتز بالشعب المصري الشقيق خاصة وانه حاليا في محنة أنجاه الله منها وأعاده شعبا قائدا للأمة التي ضاعت بعد قيام السادات بسلخ المحروسة مصر عن أمتها العربية.
ويلحظ المتابع ايضا أن شقيق النائب أصدر بيانا وحاول الصلح على الطريقة الأردنية..فنجان قهوة وصلحة عشائرية، لكن منسوب الكرامة المرتفع عند العامل المصري الضحية، سجل واحدا من أعظم المواقف، حيث أكد أنه يرفض الصلحة العشائرية وأن قضيته أصبحت قضية 90 مليونا وهم كامل أبناء الشعب المصري،وهذه قضية اخرى يجب أن نتوقف عندها. نحن الآن في ورطة مزدوجة، لأن العدوان الذي جرى يجب أن لايسند لشقيق النائب، بل للنائب نفسه لأن شقيقه قدر وقدر أن أخاه النائب سيحميه، ولعمري أن هذه ليست أول جريمة ترتكب، لكن حظهم العاثر أوقعهم مع الأخ المصري، من أجل ان يفضحهم ويكشف أمرهم، وها هم واقعون في شر أعمالهم وكان لا بد أن يكون العامل المصري الذي هيئ لهم انه ضعيف، يجبرهم على دفع الفاتورة المؤجلة لسنوات مع الأرباح المركبة.