أرادنة قطر ينتصرون لأنفسهم
عاطف الفراية
28-05-2008 03:00 AM
كنت كتبت سلسلة من المقالات حول المغترب الأردني وتحديداً في الخليج بعضها يبحث عن حقوق مهدورة في الأردن وبعضها عن صورتنا في الخارج..الخ
واليوم أعود لهذا الموضوع من بوابة \"العريضة\" التي وقعها إخوتنا المغتربون في قطر والتي تطالب بإيقاف المقالات المسيئة للشقيقة \"الكبرى\" وهي كبرى رغم أنف من لا يرى أبعد من أنفه ومن لا يرى منها سوى المساحة والسكان، وهي التي اضطلعت بما عجز عنه العرب جميعا في المسألة اللبنانية وأخذت دوراً عالمياً عجزت عنه دول تفوقها أضعافاً من حيث المقدرات المادية والمساحة والسكان والوزن السياسي المفترض ـ إن كان قد بقي لأحد وزن سياسي ـ بل وهي التي استقبلت مواطنين طردتهم بلادهم التي يحملون جنسيتها الكاملة، وقادة حماس أقرب الأمثلة.
المسألة الأولى التي أود الكلام فيها أن الهجوم غالبا ما يكون بدوافع شخصية إما لأن الكاتب لم يحصل على فرصة ذهبية خطط لها في الدولة التي يهاجمها أو أنه ينطق بلسان جهات تمارس حسداً تجاهها. إذ لا يعقل أن يهاجم كاتب دولة لأسباب وطنية \"مثلا\" وهي تقيم علاقات أخوية مع دولته التي يغني ليل نهار بالانتماء إليها وتبنّي مواقفها دون نقاش، وتتبنى النهج السياسي ذاته ولا شيء بيننا وبينها إلا المودة في القربى، فهي لم تحتل لنا أرضا ولم تقتل لنا شعباً. ولم تقصر في تاريخها عن مد يد العون لنا ولغيرنا، إضافة إلى أن الهجوم عليها لا يقدم ولا يؤخر في أي شيء. اللهم إلا أنه يسيء إلى صورتنا أمام الآخرين من ناحية. ويضيق الخناق على مغتربينا من ناحية أخرى. ويظهرنا بمظهر \" الأكّال النكّار\".
فما الذي يجنيه كاتب إن كان يمثل الحكومة أو غيرها من الأجهزة حين تتوقف قطر عن تجديد الإقامات وعقود العمل لقرابة الثلاثين ألف مغترب أردني يعتاشون منها؟ ويحولون العملة الصعبة إلى بلدهم ويصرفون على عائلات لم يعلها صالح القلاب \"مثلا\" ولا الحكومات التي انتمى إليها كلها. أو تتوقف عن أفعال كريمة سخية كان آخرها إرسال صديقنا المرحوم علاء الطراونة إلى الصين لتغيير قلبه في عملية فاقت كلفتها الثلاثمائة ألف دولار كانت الكرك كلها ستعجز عن دفعها، وهو الفعل الذي يجعلنا ننحني احتراما وحبا لمن منحوا مغتربنا من التأمين الصحيّ وكريم العيش ما لم تمنحه بلده ولا كتابها الذين يهاجمون الآخرين بلا سبب أو ربما لأنهم كرماء.
إن هؤلاء الكتاب يذكروني بالشاعر العراقي سعدي يوسف حين أراد أن يهاجم المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يرحمه الله، فلم يجد سبباً إلا أنه كان كريما مع الجميع. ومنهم المختلفون سياسيا مع سعدي يوسف. ـ أو لنقل بصورة أكثر وضوحاًـ الذين يأكلون على مائدة غير التي يأكل عليها. فكان كرمه يرحمه الله هو العيب الوحيد الذي رآه سعدي يوسف. فكتب ما كتب . وكانت الإمارات أكثر كرما معه حتى بعد أن شتم شيخها الكريم.. وكانت كل الجهات فيها ترسل له مستفسرة متمنية أن يقوم بنفي ما نسب إليه ليغلق الملف وينتهي الأمر. ولكنه لم يفعل. وكان كل ما أقدمت عليه جهة في الإمارات الطيبة أن سحبت منه جائزة العويس (طبعا من حيث قيمتها المعنوية.. أما المادية فقد كانت استقرت في بطنه وهو يشتم)..
المسألة الثانية هو هذا التحرك المفرح من إخوتنا المغتربين الأردنيين في قطر الذين تجمعوا للتوقيع على عريضة تطالب الكاتب الوزير بالتوقف عن هكذا ممارسة عبثية.. فهو تحرك إيجابي يستند إلى (ما حك جلدك مثل ظفرك) بعد أن أصبح المغترب الأردني يشعر ألا أحد في وطنه يحمل همه. أو يأبه للقمة عيشه، أو يسأل نفسه ماذا أعد للمغترب الأردني إذا أخرجته الدول التي يأكل منها. بل لا أحد يسأل عن سبب اغترابه في الأصل.
إنني من الشارقة الطيبة أمد يدي إلى أولئك المغتربين الأرادنة في قطر مصافحا ومباركا هذا الموقف النبيل. ومطالبا كل صاحب قلم في بلدي أن يتحلى بعفة اللسان و (يحاول) أن يكون نظيف السريرة.. ويتوقف عن العبث بعلاقات الشعوب.. لغايات في نفس يعقوب.
http://atefamal.maktoobblog.com/