هل نترك ماكينة التطرف تلتهم الشباب؟
د. صفوت حدادين
06-10-2015 04:52 PM
يجب ألا نقف مكتوفي الأيدي أمام حالات الانغماس في التطرف فالفكر الارهابي بات بمثابة نزعة تجر أولئك الشباب للانغلاق و الغلو الذي لا يلبث أن يغرر بصاحبه و يقوده ليـقتل و يُقتل.
خسارة أن يستولي ظلام الارهاب و التكفير على النشء الجديد الذي من المفترض به أن يحمل لواء التنوير و العلم و الانفتاح على الآخر.
الالة العسكرية قد تفلح بالقضاء على العصابات المسلحة يوماً لكن الفكر المتشدد يبقى أكبر خطر يستشري و يفسد الجيل الجديد لتكون الخيبة نصيب من قضى عمره يرقب نضوج فلذة كبده و تحقّق احلام الاباء في الأبناء.
الانغماسية في التطرف، حالة تستجدي البحث و الدراسة و تقصّي اثر روادها من مولدهم إلى أن يقضوا في اتون البارود و النار.
لما لا يهرع الأخصائيون الاجتماعيون للتحقيق في عوامل الانغماسية هذه ووسائلها؟ علّ ذلك يمهد الطريق لفهم السلبية التي تلقفت شباباً كان الأولى بهم أن يخدموا أوطانهم و يبتعدوا عن النزوات المتطرفة.
مكافحة التطرف يجب أن تحتضنه مجتمعاتنا كنهج حياة و لا يجب أن يتوقف و من الضروري أن تنطلق دراسات اجتماعية تُطلعنا على مسببات الانكفاء المفاجئ باتجاه التطرف.
لدينا حالات أصبحت تستحق التناول و لربما امتداد التقصي ليشمل مقارنة مع النماذج التي أعلت الانتماء للوطن
و عظّمت التضحية و الفداء و الشهادة في سبيل الوطن يمكّننا من وضع الاصبع على موضع الجرح.
الفوضى السياسية في الشرق انعكست على المجتمعات بأوجه عدة و بات من الصعوبة حماية الجيل الجديد من تبعات الفوضى هذه التي غالباً ما انعكست مشاعر سلبية لدى من ساروا في طريق التطرف.
هذه المشاعر السلبية لن يتكفل بعكسها ايجاباً إلا ترجمة الاعتدال في كل مناحي الحياة ابتداء من البيئة الأسرية مروراً بالبيئة التعليمية و مناهجها و انتهاء بفرض القانون والنظام في مناحي الحياة كافة.
التطرف و الغلو نتيجة لا تبتعد كثيراً عن غياب العدالة و تكافؤ الفرص و الاحباط من قدرة القانون على اعطاء كل ذي حق حقه.
لدينا جيل كامل يجلس على مقاعد الدرس و لا يجدر بنا أن ننتظر أكثر لنتأكد أن هذا الجيل ينهل من المناهج التعليمية القادرة على دفعه باتجاه التموضع الايجابي في مجتمعه و حياته.
ابنتي «تيا» ذات الأربع سنوات لا تضيع فرصة لتسألني عن معاذ الكساسبة و من فعل به ما فعل و كيف خرجت طائرات سلاح الجو تطلب ثأره، لا يهدأ لها بال إلا بأن أطمئنها أن جيشنا قوي وفي المرصاد لمن يبغي بوطننا سوءاً. غرس قيم الانتماء و حب الوطن كفيلٌ بطرد التطرف و الفكر المتشدد فالوطن مفهوم أوسع من كل التناقضات و الاختلافات و النشء الجديد يحتاج أن يتبنى الوطن مرجعاً و أملاً.
الرأي