نعم إنه : صراع "حتى الموت"!
صالح القلاب
06-10-2015 03:29 AM
في مواجهة هذا العنف الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني, الذي لا يشبه إلا عنف النازيين ضد اليهود في المرحلة الهتلرية البغيضة, فإن الواضح أنه ستكون هناك انتفاضة ثانية وثالثة.. وعاشرة طالما أن بنيامين نتنياهو قد وصف المواجهة مع الفلسطينيين بأنها «صراع حتى الموت» وطالما أن المشاهد التي تنقلها وسائل الإعلام العالمية عن قمع الجيش الإسرائيلي للشبان المرابطين في المسجد الأقصى وباحاته تدل على أنه سيكون صراع حتى الموت بالفعل ما دام أن «العقيدة» العسكرية لهذا الجيش قد لخصها رئيس الوزراء الإسرائيلي بهذه الكلمات التي يجسدها جنوده.. بكل أمانة وإخلاص.
في الانتفاضة الأولى كانت أوامر اسحق رابين, الذي يقتضي قول الحقيقة الإشارة إلى أنه تغير كثيراً بعد اتفاقيات أوسلو الشهيرة وأنه دفع حياته ثمنا لهذا التغيير على يد أحد تلامذة بنيامين نتنياهو «النجباء» أو الجبناء: «اسحقوهم حتى العظم» وكانت نصيحة هنري كيسنجر للجنود الإسرائيليين أفعلوا ما تشاؤون لكن بعيداً عن عدسات التلفزيونات.. وهذا هو ما جرى فعلاً خلال تلك الانتفاضة المباركة.
لكن لا أوامر اسحق رابين أفادت ولا نصائح كيسنجر فالشعب الفلسطيني الذي أثبت على مدى نحو قرن بأكمله أنه يستحق هذه «الفلسطين» الجميلة وأنها تستحق هذا الشعب حوَّل حجارة الأطفال الصغار إلى عنوان عالمي لمواجهة الطغاة والدفاع عن الأوطان وإلى شعار كوني للمقاومة ضد المحتلين وضد المستبدين والقتلة في كل الكرة كلها.
من المؤكد أن عدسات التصوير قد نقلت إلى أربع رياح الأرض مشاهد جنود بنيامين نتنياهو الجبناء وهم يحيطون بطفل فلسطيني سلاحه حجراً مقدساً كان يحاول إخفاءه وراء ظهره, ويتناوبون على تسديد لكمات بأعقاب بنادقم على رأسه ووجهه لكن ما أن أفلت من بين أيديهم حتى أتخذ موقعاً قتالياً بالاستناد إلى أحد جدران القدس العتيقة وقذفهم بحجره وهو يهتف بأعلى صوته: «القدس حرة عربية».
كان على بنيامين نتنياهو أن يتذكر, بدل إطلاق صرخة: «إنه صراع مع الفلسطينيين حتى الموت» كيف ارتفع العلم الفلسطيني قبل أيام قليلة فوق مبنى الأمم المتحدة وكيف استطاع هذا الشعب المكافح أن يحقق وجوداً له تحت الشمس وأن يجعل حتى الإسرائيليين بينهم وبين أنفسهم يعترفون بشجاعته وبإصراره على مواصلة الكفاح والاستمرار بإرواء تراب فلسطين المقدس بدماء أطفاله الزكية.. نعم: «إنه صراع حتى الموت» ومع العلم أن الموت بالنسبة للفلسطينيين هو الاستشهاد.. وأن الاستشهاد هو تحرير الوطن.. وهو الحياة.
لن يكون هناك «هيكل» مزعوم لا في بيت المقدس ولا في أكناف بيت المقدس ولا في فلسطين ولا في أي بقعة عربية ولعل الأفضل لرئيس الوزراء الإسرائيلي أن لا يكتفي بقراءة كتاب والده: «مكان تحت الشمس» وأن يقرأ التاريخ جيداً ليتأكد من أنَّ غزاة كثر قد مرَّوا بالقدس.. لكنها بقيت وهي ستبقى إلى الأبد حرة عربية لقد مرَّ عليها «الفرنجة».. الذين من قبيل الخداع قد وصفوا بأنفسهم بأنهم صليبيون لكنهم بعد سنوات طويلة اضطروا للرحيل بلا عودة.. وهذا هو ما حصل مع المغول وكل الغزاة الذين وطأت حوافر خيولهم هذه الأرض العربية.. والتي ستبقى عربية.. القدس ستبقى عربية.
الرأي