لماذا توقفت "زفة" المناكفات بين الإخوان .. ؟!
حسين الرواشدة
06-10-2015 03:01 AM
منذ نحو شهرين، توقفت فجأة جمعية الاخوان المرخصة عن البث، زفة المناكفات والتهديدات توقفت ايضا، وحدها الشقة التي تمددت على احد جدرانها ماركة باسم الجمعية ظلت منتصبة في الشارع، وكأنها تذكرنا “بزوبعة" مرت من هنا ثم اختفت.
ما الذي حدث حتى آثر الاخوان “المرخصون” الانزواء بعيدا عن المشهد: هل ادركهم التعب ثم زهدوا في الجماعة وقرروا ان يتركوها لاصحابها، هل اقتنعوا بانهم يسيرون في الاتجاه الخطأ، هل عجزوا عن حشد المزيد من الاعضاء و”الشعب” لجمعيتهم كي تقف على قدميها، ام انهم يستعدون لاقامة حفل اشهار اسوة بما فعلته قبلهم زمزم، ولاجراء انتخابات تنتضم من خلالها الشرعية وتوزع المواقع حتى تكتمل الصورة ويصبح للمولود الجديد اسم وأب وجدّ..؟
كل هذه الاحتمالات واردة، كما ان احتمال وصول رسالة من جهة ما او نصيحة بضرورة “التهدئة” واخذ استراحة او اجازة وارد ايضا، لكن المهم هو ان الدولة ما زالت تمسك بخيوط “القصة” وتستطيع ان تحركها متى ارادت، فيما الجماعة الام تبحث عن ابواب او نوافذ(لا فرق) للمرور نحو تفاهمات ما، او صفقات تعيد اليها اعتبارات فقدتها، او ثقة اكتشفت انها خسرتها، او شرعية انتزعت منها “رسميا “ على الاقل.
على ايقاع مشروع قانون الانتخاب الجديد تحرك الاخوان : الجماعة سارعت مبكرا الى الترحيب بفكرة الخروج من وطأة “الصوت الواحد” ثم تراجعت قليلا ووضعت عليه بعض التحفظات، لكنها ظلت تؤكد ان مشاركتها في العملية الانتخابية لم تحسم، وكأنها تنتظر موقفا اخر من الدولة يشجعها على الاقتحام، اما الجمعية فقد بادرت - كما هو متوقع - الى الاحتفاء بالمولود الجديد وطمأنت من يهمه الامر انها لن تتردد في خوض الانتخابات القادمة، وربما المشاركة في الحكومة ايضا..!
اللافت ان احد قيادات الجماعة “الام” كان حاضرا على طاولة اول حوار رسمي مغلق يجري حول قانون الانتخاب، فيما لا زالت المشاورات حول تحويل “زمزم” من مبادرة الى حزب سياسي تدور حول الكواليس؛ ما يعني ان مشاركة الاخوان في الانتخابات - ان حصلت - ستتم من خلال جبهة العمل الاسلامي الذي لا يزال هو الناطق السياسي المعترف به رسميا حتى الان.
رهان الانتخابات سيظل قائما بالنسبة للاخوان والدولة، لكنه لن يحسم وحده اشكالية العلاقة بين الطرفين، فثمة عوامل اخرى، داخلية وخارجية، تحكم اعادة ترسيم هذه العلاقة، وهذه العوامل لم تكتمل بعد، لكن اشاراتها توحي بان الدولة ما زالت متسكة بخيار “الابقاء “ على الجماعة، اما الى اي مدى وتحت اي شروط ..؟فهذا سيتوقف على سلوك الجماعة وقدرتها على الاندماج وفق مواصفات جديدة لا تزال مجهولة.
الجماعة الان تفكر في انتخاباتها القادمة بعد نحو ستة اشهر، احد رموزها ما زال في السجن وسيخرج مطلع العام القادم : فهل سيكون هو المراقب العام الجديد، ثم ماذا لو صبت الصناديق اوراقها في حساب تيار القيادات الراهنة، هل ستشهد الجماعة انسحابات وانشقاقات جديدة، والى كفة من ستميل “لجنة” الحكماء اذا ما خرجوا من “اللعبة” بلا مقاعد ولا اهداف، هل سيستقلون بحزب جديد ام انهم سيعتزلون الجماعة والجمعية معا..؟
حتى الان لم يسجل رسميا في الجمعية المرخصة سوى (50) عضوا ،او ربما اقل، معظم الذين يتعاطفون معها او يشاركون في اجتماعاتها ما زالوا مسجلين في دفاتر الجماعة، ومن المتوقع ان تجري هي الاخرى انتخابات مكاتبها في نهاية هذا العام ، لكن المؤكد انها انتخابات شكلية، وبالتلي لن تتغير الصورة، كما ان احدا لا يراهن على تغييرها اصلا، خاصة وان ثمة تسريبات تشير الى انكفاء جماعة زمزم على نفسها مع وجود انسحابات بين طبقة القيادة المؤقتة للجمعية.
اتصور ان اي “اخ” داخل الجماعة او انسحب منها او يفكر بالانشقاق عنها سيسأل نفسه سؤالا واحدا، وهو : ماذا فعلنا بانفسنا؟!!، البعض -بالطبع- سيكابر ويسأل: ماذا فعلوا بنا؟، لكن اي مراقب منصف وحريص على وحدة الجماعة وعلى سلامة مجتمعنا سيتمنى ان يطرح الاخوان السؤال الاول على طاولة حوار صريح، وان يجيبوا عنه بامانة، ليس فقط لارضاء ضمائرهم ، وانما ايضا من اجل الاعتراف بالخطأ والعمل على تصحيحه، فما حدث لهم - على كارثيته- هو فرصة للمراجعة والاعتبار، وامتحان عصيب لا يجوز ان يخرجوا منه “راسبين” الا اذا قرروا ان يشملهم قانون الاستبدال، هذا الذي لا ينحاز لاحد، حتى لو كان من الاتقياء الصالحين.
الدستور