استخدام الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون مصطلح الفشل الدولي للتعبير عن انفجار الأزمات بدلاً من انفراجها ولعجز المجتمع الدّولي عن جعل الحياة ممكنة وآمنة الى حدّ ما على هذا الكوكب المشتعل.
لكن أليس من الأجدر بنا نحن العرب ان نطلق مصطلح الفشل القومي على واقعنا بكل ما يعج به من كوارث على مختلف الاصعدة سياسيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا وتربويا ؟
وثمة على ما يبدو أوجه شبه بين الامراض التي تحل بالجسد والامراض السياسية والاجتماعية التي تعاني منها الشعوب، منها وجه الشّبه بين الفشل الكلوي والفشل القومي، حيث العجز عن القيام بالوظيفة أو الدور الذي ينقي الدورة الدموية لمجتمع ما، بحيث تتفشى فيها السموم والرواسب لكن لسوء الحظ لم يكتشف العلماء حتى الآن تكنولوجيا لغسل الفشل القومي لأنه مرتبط بادبيات وثقافة وتقاليد، وهي أقانيم المناعة التي يؤدي ضعفها أو غيابها الى شلل عام .
ولو اقتصرنا فيما يتعلق بالفشل القومي على العقود الثلاثة الماضية، فإن اخفاق الجامعة العربية في حل أزمات والحيلولة دون تدويلها أدى الى ما نحن عليه بدءاً من الأزمة التي نجمت عن دخول العراق الى الكويت، وقد تكرر هذا الفشل مراراً حتى انتهى الى تفكيك دول و اختلال مفاهيم وانعطاب بوصلات!
لقد حاولت الأمم المتحدة من خلال ما سمي الدبلوماسية الوقائية اجهاض أزمات وهي في بواكيرها لكن التاريخ لا يستجيب للنوايا ولا يلبي الرّغائب، أما العرب فلم يحاولوا شيئا كهذا على مستوى جَدّي، لأن خطابهم السياسي المزدوج والذي يعتبر أمثولة في الشيزوفرينيا لا يسمح بالشفافية والصراحة والمكاشفة بل يوسع ويعمق مساحة المسكوت عنه، لأن هناك كلاما في النهار وآخر في الليل وما تقوله البيانات الختامية للمؤتمرات الموسمية هو على النّقيض مما يدور وراء الكواليس والأَكَمات!!
الدستور