صراع الإرادات المدعوم بالقوة
النائب حسن عجاج
04-10-2015 04:30 AM
دخلت الأزمة السورية مرحلة جديدة ابتداءً من 30/9/2015 حيث أعلنت روسيا الاتحادية الحرب على تنظيم داعش وجبهة النصرة ، وباقي التنظيمات الارهابية المسلحة التي تقاتل الدولة السورية . وكانت روسيا قد أعلنت عن مبادرة للحرب على الارهاب في سوريا تتضمن تحالفاً إقليمياً تشارك به دول الجوار السوري وبعض دول الخليج، بعد فشل التحالف الدولي بزعامة الولايات المتحدة الذي مضى عليه أكثر من عام دون أن يؤدي إلى نتيجة ملموسة على الأرض ، بل كانت النتائج عكسية ومخيبة للآمال ، حيث أخذ تنظيم داعش يزداد قوة ويتمدد على مساحات واسعة من الأراضي العراقية السورية.
كانت ردود الفعل الدولية على دخول روسيا الاتحادية في الحرب على المنظمات الارهابية المسلحة ، وبخاصة الرد الأمريكي – الأوروبي ، مترددة ومتناقضة ، مع العلم أن هذه الدول كانت أولى من دعا لمحاربة الارهاب.
تعتمد الاستراتيجية الروسية على الواقعية التي ترى ضرورة تقديم الدعم العسكري للحكومة السورية ،والجيش العربي السوري، باعتباره القوة الوحيدة الرئيسية التي تقاتل الارهاب كما تستند هذه الاستراتيجية على الشرعية الدولية المتمثلة بطلب سوريا المساعدة من الأصدقاء لحمايتها من العدوان الذي يتهددها من قوى الارهاب المدعومة من أطراف خارجية ودول مجاورة.
انتظرت روسيا طويلاً قبل أن تتدخل لدعم الجيش السوري ، حيث كان الصمود السوري المدخل الرئيسي الذي أتاح لروسيا التدخل لتعزيز هياكل الدولة السورية ، وتصليب مؤسساتها وفي مقدمها الجيش العربي السوري. وفرضت روسيا بهذا الموقف واقعاً جديداً بدأ العالم يتعامل معه، حيث أعلنت الولايات المتحدة أن هناك مجالات تعاون ممكنة مع روسيا حول سوريا ، ولكن هذا السلوك تجاه سوريا يظل متغيراً ولا يملك رؤية واضحة حقيقية. لكن الواقع الجديد فرض إطاراً دولياً للتفكير للدخول بمسار الحل السياسي. كما خلق استعداداً أمريكياً للحوار مع موسكو للتوصل إلى حل للأزمة السورية.
لقد غير الموقف الروسي منطق الحل السياسي، فأصبح أقرب للحل الذي يستجيب للموقف الروسي – السوري، ولكن التراجع الأمريكي أمام الموقف الروسي يظل تراجعاً تكتيكياً ، وستبقى أمريكا متمسكة بمواقفها الداعمة لما يسمى " المعارضة المعتدلة" وتسعى لأن يكون لها ممثلون في الوضع السوري الجديد.
تنظر روسيا إلى داعش وأخواتها على أنها خطر يجب استئصاله وإنهاؤه، في حين ترى أمريكا وحلفاؤها أنه لابد أن يقترن الحرب على داعش بإسقاط على النظام السوري والمحافظة على المعارضة المعتدلة . فيبدو التباين في المواقف واضحاً بين الفريقين . أما سوريا فتعمل للحفاظ على استقلالها وحماية ووحدة أراضيها من أطماع الدول المحيطة بها، بصمود شعبها وقوة جيشها اللذين كانا من عوامل تقوية حلفائها.
فكيف يبدو المشهد السوري بعد خمس سنوات من الحرب ودخول روسيا القتال ضد الارهاب؟.
تبدو آراء القوى السياسية السورية الفاعلة مجمعة على ضرورة الذهاب إلى عملية سياسية عنوانها تغيير في طابع النظام السياسي القائم ، بعيداً عن التأثر بالأفكار المطروحة من الأطراف الخارجية . وترى هذه القوى أن الدخول في مسار الحل السياسي يجب أن يستند للحوار، الذي تشترك فيه كل الجماعات السياسية المعارضة والموالية. وأن الهدف المنشود من هذا الحوار هو الوصول إلى بناء سوريا جديدة ، ودولة مدنية ديمقراطية تعددية. بشرط الابتعاد عن الغيبيات والتمنيات، والانطلاق من الواقع القائم الذي يقول بأولوية محاربة الارهاب الذي يُدعم من الخارج، والحفاظ على مؤسسات الدولة، وأن يكون ضمن إطار الدولة الوطنية التي تستوعب الجميع.
أما التحول الديمقراطي المطلوب فيأتي بعد القضاء على الارهاب ، لأنه لايمكن أن يقوم بوجود الارهاب . وأن أي عملية ديمقراطية لا بد لها من شروط ، أهمها أن يشعر المواطن بالأمن وهو يتوجه إلى صناديق الاقتراع.
وإن من شروط الحوار السوري – السوري الناجح ، رفض التدخلات الخارجية ونبذ الطائفية والمذهبية، فلم تعد القضية دينية ، ولم تعد عناصر الصراع سورية خالصة ، فقد تجاوزت الأزمة الجميع وأصبحت بأيدي القوى الكبرى، تماماً كما هي القضية الفلسطينية، فلولا الوجود الصهيوني على أرض فلسطين ، لما كنا نرى هذا الذي يجري اليوم في منطقتنا العربية.
النائب
حسن عجاج عبيدات