تداولت مواقع إخبارية على نطاق ضيق خبرا منقولا عن وكالة رويترز يقول ان الأردن لم يشتر أي كميات من القمح في خمس مناقصات قمح كان طرحها في أيلول وآب وأن البائعين ما عادوا مهتمين بعد رفض مؤسسات الرقابة أكثر من شحنة.
الشهر الماضي ألغت وزارة الصناعة والتجارة والتموين لمرتين متتاليتين عطاء لشراء 100 ألف طن قمح لأن شروط المنافسة لم تلب.
ليس فقط البائعون هم من عبروا عن مخاوفهم بل إن الموردين الرئيسيين والتجار يستنكفون عن المشاركة في عطاءات شراء القمح وعلى وزيرة الصناعة والتجارة تفسير هذه الحالة بدلا من إطلاق التطمينات عن حالة الأسواق وعن وفرة السلع، حتى لا يصبح الأردن سوقا خطرا مع ترك هذه الإشكالات دون علاج.
ما يحدث في السوق هو أن شحنة لسلعة ما تحتاج لأن تمر عبر مؤسسات رقابة عدة، المواصفات والمقاييس، الغذاء والدواء وغيرها، فإن حدث ونجحت في إختبار واحدة فهي غالبا لا تنجح في إختبار الثانية لتدخل الشحنة في معركة شد وجذب وإتهامات بفساد تجعل منها قضية رأي عام تتقاسم فيها الأطراف أدوار البطولة.
لا نقلل من أهمية الرقابة فصحة المواطن هي الأساس، لكن توحيد أجهزة الرقابة تحت مظلة واحدة هو المطلوب إذ ليس من الصواب أن تعمل هذه المؤسسات مثل جزر معزولة، لكل منها رأي وقرار، فما يحتاج اليه التاجر والمورد هو مرجعية واحدة تتحمل مسؤولية قرارها في مواجهة المورد والتاجر معا وقد نبهنا في مقالة سابقة الى أهمية وجود ألية تعفي الرأي العام من هذا الدوار ومن عبء الجدل وتؤسس لتفاهم مؤسسي واضح وآلية فنية ومهنية توحد القرار الرقابي ومرجعياته ليصب في نهاية المطاف في مصلحة المستهلك وصلاحية المواد والشحنات.
لم نسمع في أي من بلاد العالم بمثل هذه المعارك، التي تتجاذب الصحف والمواقع الإخبارية ومواقع التواصل وفيض من التصريحات المتناقضة في داخل البيت الحكومي نفسه أخبارها بنهم لا يخلو من الإتهامات بالتواطؤ وغير ذلك، لأن ما يتعلق بالرقابة يجري بصمت ودون إثارة لمعارك إعلامية ولا ضجيج ولا تحشيد وإستنصار لمؤيدين أو معارضين تملأ بياناتهم الصحف ووسائط التعبير.
مؤسسات الرقابة أصبحت قوة لا يستهان بها وهي مكانة مطلوبة في مواجهة سلع حساسة وهامة بأهمية الغذاء والدواء، حتى أنها باتت تحلق خارج الفضاء الحكومي وصلاحيات الوزراء. الراي