داودية "ينصف" زياد أبو غنيمة
03-10-2015 04:54 PM
1- اشعر بالفرح والفخر حينما يناديني، محمود ومحمد واحمد وانس ومالك، أبناء أخي المرحوم زياد، مستخدمين كلمة "عمي أبو عمر"، فزياد طاهر شامخ مجالد، نمر حر جسور، و"مخاوات" الشرفاء الأحرار أمثال زياد هي واجب والحصول عليها شرف.
كانت تصلني منه، عبر أنجاله النشامى، التحايا وعبارات الود الذي كنت أبادله إياه، وكانت آخر مرة زرت بها صديقي زياد في منزله، السنة الماضية للتهنئة بفوز نجله الدكتور الصيدلاني احمد أبو غنيمة بعضوية مجلس نقابة الصيادلة.
2- كلمة منصفة واحدة تصف زياد محمود أبو غنيمة هي: طود.
3- عندما رثيته في بيت العزاء بعمان قلت إن زيادا هو سليل أسرتين ماجدتين هما أسرة أبي غنيمة وأسرة أخواله آل التل، وهما الأسرتان اللتان قدمتا للوطن رجالا كبارا شرفاء مثل المجاهد محمود أبو غنيمة الذي اشترك في الثورة على الانتداب الفرنسي لسوريا وقاتل الصهاينة في فلسطين والشاعر العظيم مصطفى وهبي التل "عرار" الذي قاتل على جبهة الشعر وانخرط بلا هوادة في الصراع السياسي الاجتماعي الأردني فتعرض للسجن والنفي والاضطهاد والشهيد وصفي التل الذي اعتلى أعلى ذرى الأردن إلى الأبد، ويسجل لزياد محمود أبو غنيمة انه ظل مخلصا للتقاليد الوطنية في صورتها النقية الفطرية الصافية التي تعتبر الوطن وطنا لا مغنما.
4- يمكن أن اسميه "المشكلجي" زياد، فقد خاض حروبا لم تنقطع وتخصص في الرد على خصوم حركة الإخوان المسلمين الذين كانوا يجردون على الحركة حملات متواصلة كان يسمي أصحابها "كتاب التدخل السريع"، في انتخابات عام 1989 شن عدد من هؤلاء الكتاب "حملة" واسعة ضد مرشحي الإخوان المسلمين، فكتبت مقالة في صحيفة الدستور احذر فيها من الخروج على النزاهة والأمانة الصحافية ومن انه سيكون لهذه الحرب الدونكيشوتية التي سميتها "سحجة" ارتدادات عكسية. وقد أسفرت الانتخابات عن نجاح الإخوان الكاسح والسقوط الكاسح لكتاب التدخل السريع الذين ما يزالون حتى اليوم يبيعون النظام والناس بضاعتهم الفاسدة المنتهية الصلاحية فقد "احترق المسرح من أركانه ولم يمت بعد الممثلون" كما قال نزار قباني، وقد دعاني زياد في حينه، وكان قائد الحملة الإعلامية لانتخابات الإخوان المسلمين، إلى فنجان قهوة في مقر الحركة وشكرني قائلا: صحيح أن المرء لا يشكر على نزاهته، فقلت له: عسى أن لا يظن شرفاء الحركة بعد اليوم، أن "أولئك الغملش" يمثلون الصحافة الأردنية أو يمثلون التقدميين والديمقراطيين الأردنيين (لاحقا صار الغملش وزراء وأعيانا ونوابا ورؤساء مجالس إدارات ومحللين عباقرة ومحاضرين يعلمون الشعب الأردني مكارم الأخلاق و يرسمون له مسارات الإصلاح، صاروا أكثر مما تحتمل البلد لا تحتمل كل نفاقهم وأنويتهم!!)
5- حصل الفقيد زياد أبو غنيمة، الكيميائي المؤرخ النقابي الكاتب الصحافي السياسي المفكر الإنسان، على عزاء لا يدانى في مهابته، شاركت فيه ولمست حرارته، في اربد وفي عمان، كان عزاء كعزاء الشهداء الكبار، فحارتنا صغيرة والناس تعرف بعضها والسنة الخلق أقلام الحق.
6- كان زياد اتصاليا بطريقة مدهشة، كان يهاتفني وأنا كاتب صحافي (1977-1992 ) لمناقشتي في مقالة لي، وعندما يتفرع الحديث إلى مقالات أخرى أجده قد قرأها!! وكان يثني على الاستخدام الفني المدروس لبعض الكلمات العامية التي أزعم أنني أول من استخدمها في المقالة الصحافية.
7- تنوعت مشارب أسرة أبي غنيمة ومذاهبها السياسية والثقافية، فصديقي شقيقه المرحوم الطبيب الشاعر مهنا أبو غنيمة (توفي عام 1978) وصاحب ديوان " أغاني طائر النورس" كان يزورني في صحيفة الأخبار في وادي صقرة بين عامي 1977 و1978 يحمل قصيدة حسية عذبة، نزارية المحتوى وصديقي شقيقه المرحوم حسان أبو غنيمة (توفي عام 1996) كان شيخ النقد والتوثيق السينمائي العربي، أما أبناء أخي زياد فقيد الوطن، فهم بحق مفخرة اعتز بهم ويفرحونني وهم ينادونني: عمنا أبو عمر.
8- لا نحتاج إلى تبرير والى تفسير حين نكتب نحن الكتاب التقدميين الديمقراطيين الحداثيين، عن واحد من ابرز واصلب قيادات اليمين الأردني الذين يمثلهم الإخوان المسلمين، عن "خصم برنامجي" عنيد، فزياد أبو غنيمة وكل المعارضة الوطنية الدستورية "ضرورة وليس ضررا" فالواحدية لله تعالى فقط، الذي اسأله أن يرحم أخي زيادا رحمة واسعة.