سياسيون ومفكرون لـ عمون: لهذا دعا الملك لتغيير "لهجة الخطاب"
01-10-2015 06:18 PM
عمون - محمد الصالح - نبّه سياسيون ومفكرون أردنيون إلى أهمية دعوة جلالة الملك عبدالله الثاني، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها العامة للدورة السبعين، إلى تغيير "لهجة خطابنا".
وأكدوا في أحاديث لـ عمون ضرورة التنبه إلى ما يقال في المنابر التعليمية، والسياسية، والدينية والثقافية لتغيير ما تحاول الجماعات والعصابات المتطرفة والارهابية زرعه في نفوس المجتمعات وجعل خطاب الكراهية هو الخطاب السائد والطاغي على لغة الحوار وتقبل الآخر ولغة الاعتدال التي جاء بها الدين الاسلامي السمح.
الملك قال في خطابه: "دعونا نغير لهجة خطابنا. فخلال إحدى جولاتي مؤخرا، لاحظت لافتة على جانب الطريق تقول: "خافوا الله". وعلى بعد أميال قليلة، لافتة أخرى بنفس العبارة، ثم أخرى مماثلة، ثم ثالثة، أما الأخيرة فكانت تقول: "أو الجحيم هو المأوى". وتساءلت: متى وكيف تسلل الترهيب إلى خطابنا بدلا من محبة الله؟ قد يعتقد معظم الناس أنه لا علاقة لهم بخطاب الكراهية الذي يحمله المتطرفون، لكن عالمنا عرضة للتهديد عندما يسيطر العنف والخوف والغضب على خطابنا، سواء في المدارس أو الخطب الدينية أو حتى في علاقاتنا الدولية.
وقال المتحدثون لـ عمون إن الملك حذر من خطورة هذا الفكر منذ فترة طويلة، لافتين إلى ان جلالته أكد منذ سنوات طويلة قبل ظهور العصابات المتطرفة امثال تنظيم "داعش" الارهابي على اهمية التغيير للأفضل في مجال التعليم.
وشددوا على ضرورة تبني الخطاب الديني المعتدل واعادة تأهيل من يعتلون المنابر في المساجد ومن يدخلون غرف الصف من اساتذة جامعيين ومعلمين في المدارس وتحويل التعليم من تعليم تلقيني إلى تعليم تفاعلي.
ودعوا لأن يكون الخطاب الملكي برنامج عمل ونهجاً للحكومة ووزارة الاوقاف والكنيسة ومؤسسات المجتمع المدني من احزاب نقابات وغيرها.
السرور: كل الحكاية
وفي السياق ذاته قال النائب المهندس سعد هايل السرور لـ عمون إن :"الخطاب الملكي اوضح كل الحكاية أمام المجتمع الدولي حول ما يدور في العالمين العربي والاسلامي حول تبني البعض ادبيات التطرف وافعاله".
وأشار إلى ان التطرف لا يقتصر على المناطق العربية وانما يوجد اشباه له من افعال تطرف في ديانات أخرى غير الاسلام في بلدان مختلفة من العالم.
وبين أن خطاب الكراهية وظاهرة التظرف تنامت في السنوات الاخيرة في المجتمعين العربي والاسلامي سواء في الافكار أو في الافعال.
ولفت إلى ضرورة تفهم اسباب التطرف وطرق انتشاره، من اجل وضع الحلول الناجعة لها من خلال العامل الثقافي ومجابهة الحجة التي يتغطي بها التطرف لينتفع بها جيل الشباب الذي يغرر بهم.
وأكد السرور اهمية التركيز على توعية الشباب بمخاطر الفكر المتطرف من خلال المنابر التعليمية والثقافية والدينية، خصوصا في ظل الظروف الحالية التي يطغى فيها الفكر المتطرف على قبول الآخر ولغة الحوار.
ودعا إلى ضرورة التنبه إلى المؤسسات التعليمية، إضافة رفض وصول الفكر المتطرف إلى مؤسساتنا السياسية أو يكون نهجا لها.
واعتبر السرور أن وقوف كل المؤسسات سدا منيعا في وجه هذا الفكر يحصر تأثيره لدرجة كبيرة ويحصن جيل الشباب من ان يكون ضحية لهذا الفكر الأسود.
العموش: أنسنة الانترنت
الوزير السابق واستاذ الشريعة الدكتور بسام العموش قال "خطاب الكراهية ليس محصورا بالعرب والمسلمين، والاصوات اليمينية في اوروبا، حتى انهم يرفضون استقبال المهاجرين الذي قدموا اليهم بالعشرات".
واشار إلى أن البعض احرقوا القرآن الكريم، اضافة إلى ما يشاهده العرب والمسلمون من اعتداءات للاحتلال الاسرائيلي على الفلسطينيين، كل هذا قد يولد ردة فعل لدى بعض الناس من العرب.
وأكد العموش على ضرورة اتباع ما دعا له جلالة الملك من انسنة الانترنت والخطاب عليها، مشددة على ضرورة محاربة خطاب الكراهية.
ونوه إلى انه على سبيل المثال تتبنى كلية الشريعة في الجامعة الأردنية خطاب المحبة والخطاب الراقي، مستعرضا أن فتح اندونيسيا تم من خلال اخلاق التجار المسلمين بدلا من الحرب ويعيش فيها الآن ملايين المسلمين.
ولفت إلى أنه يوجد ضعف في الخطاب الديني على المنابر بسبب بعض الخطباء الذي يجب أن يتم ايقافهم اذا لم يلتزموا بالخطوط العريضة لما تضعه وزارة الاوقاف، مؤكدا أنه لا يدعو إلى خطب جاهزة.
وانتقد العموش ما يقوم به بعض الاعلاميين من تحريض وكراهية واستفزاز لمشاعر الناس، من خلال كتاباتهم البعيدة عن الاعراف والدين الاسلامي.
الشهوان: في غفلة من الزمن
العين المهندس محمد الشهوان اكد أن خطاب الكراهية تسرب إلى الواقع العربي في غفلة من الزمن اشتدت فيها الهجمة على القيم العربية وتمادت حتى وصلت إلى محاولة تشويه العقيدة الاسلامية السمحة على ايدي نفر من المتطرفين الذين توهموا بتنصيب انفسهم اوصياء على الاسلام، لذلك اساءوا إلى الدين العظيم وسعوا إلى تشويه صورته الواهية ومبادئه السامية التي تحض على التسامح والسلام والمودة والتراحم ومحبة الانسان.
واعرب عن افتخاره بأن الأردن بقيادته الهاشمية الوفية بمواقفها وسياستها الشامخة ضد التطرف والسعي إلى إعادة الصورة العطرة والسمحة للدين الاسلامي الحنيف.
ولفت إلى ان جلالة الملك اكد ضرورة تكاتف المجتمع الدولي لتجفيف منابع الفكر المتطرف وفكر الكراهية الذي يروج له.
حتر: قبول الآخر
الكاتب الصحفي ناهض حتر شدد على ضرورة أن تتبنى الحكومة ووزارة الاوقاف والكنيسة ومؤسسات المجتمع المدني من احزاب ونقابات وغيرها هذا الخطاب الملكي.
واشار إلى ان جلالة الملك لم يتطرق فقط لخطاب الكراهية بل شدد على عملية قبول الآخر واحترام وجهات النظر.
ولفت حتر إلى ان جلالة الملك بين صورة الأردن كدولة مدنية وبيان المناخ في الداخل الأردني المبني على الإيخاء والمحبة والمواطنة، وهي نفس الطريقة التي يتعامل بها الأردن مع الخارج.
الطويسي: الترهيب غلب الترغيب
العين الدكتور عادل الطويسي أشار إلى ان الترهيب غلب على الترغيب في الخطابات الاسلامية الحالية، مشيراً إلى ما قاله جلالة الملك عبد الله أن الدين الاسلامي دين رحمة ولا يجوز تقديم الترغيب على الترهيب.
ونوه إلى ان مرد تقديم الترهيب على الترغيب يعود إلى انتشار ثقافة التشاؤم في العالم العربي والاسلامي وعندما تسود هذه الثقافة فإنها تطرد ثقافة التفاؤل ويجنح الناس إلى لغة الترهيب بدلا من الترغيب.
وبين ان الاسباب التي جعلت من ثقافة التشاؤم سائدة هي ظروف القهر وعدم انتشار العدالة في كثير من الشعوب العربية والاسلامية، اضافة إلى تجبر القوى العالمية على هذه الشعوب.
واعتبر أن اهم شيئين يؤثران في الناس هما الجوامع والجامعات، لأن الناس عندما تذهب إلى الجوامع وتستمع إلى خطب الجمعة تسمع ولا تستطيع ان تناقش ولا يجوز ان تناقش، كما ان محاضرات الاساتذة في الجامعات تعتمد اسلوب التلقين، ما يعني ان كلتا هاتين المؤسستين الجامعات ومنابر المساجد تروج للافكار دون حوار او نقاش من قبل المتلقي.
وشدد الطويسي على ضرورة أن يتم اختيار الخطباء المؤهلين لمنابر المساجد ومخاطبة الناس، اضافة إلى اهمية تأهيل الهيئات التدريسية في الجامعات والمدارس بحيث يعتمد اسلوب التعليم التفاعلي وليس السلطوي.
ولفت إلى الكثير من الخطب في المساجد لا تذكر الامور الترغيبية في الدين والوسطية، إلا انها تلجأ دائما للترهيب.
شنيكات: تغذية لخطاب الكراهية
النائب الدكتور مصطفى شنيكات قال :"ينقصنا المزيد من الديمقراطية والمزيد من الحوار واحترام الآخر والتركيز على البعد الانساني".
واستشهد شنيكات بما يدور من تغذية لخطاب الكراهية في المنطقة العربية بشكل غير صحي كالخطاب الذي يعزز الكراهية من خلال ما يدور حول "سنة وشيعة" الذي زاد الامور اكثر نزقا وقيام حوارات على اسس غير صحيحة وتوليد احقاد لا تزول لعشرات السنين.
وأكد أن خطاب الكراهية لا يخدم بناء المستقبل للأجيال القادمة، لافتا إلى أن خطاب الكراهية على سبيل المثال مزق العراق الشقيق، منذ دستور بريمر الامريكي.
ولفت إلى أن اوروبا في الحروب العالمية سالت فيها الدماء، إلا أنها انتهجت الديمقراطية وانتهجوا احترام الآخر، ما ادى إلى توحيد اوروبا وانعاشها، بالمقابل الخطاب السياسي والثقافي العربي متخلف واقصائي.
عزايزة: من يعتلون المنابر الدينية
العين وجيه عزايزه اعتبر أنه توجد مشكلة في التعليم في المنطقة العربية ومناهجها، اضافة إلى ان الامة بحاجة لمعرفة من يعتلون منابرها الدينية ومن هم مرجعياتهم بحيث لا يعتليها إلا من يحث على الفكر المعتدل والوسطي والترغيب في الدين الاسلامي الحنيف.
وأكد أهمية ايجاد لغة خطاب جديد في مختلف المنابر الدينية والثقافية، لافتا إلى ان استخدام جلالة الملك إلى "الانترنت الانساني" ليس هو التواصل بقدر ما هو المعنى من هذا التواصل.
وبين عزايزة ان الخطورة ليست في من يحمل الفكر المتطرف بل في من يتبنى نشره ابتداء من مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام، مشيرا إلى من يتابع الفضائيات العربية ومواقع التواصل الاجتماعي يلاحظ انها إما برامج ترفيهية مفرطة أو برامج دينية متشددة، بالمقابل لا يوجد إلا القليل من الترويج للفكر المعتدل والمتوسط والتسامح.
وانتقد عزايزة التركيز المستمر على الماضي والحديث عنه من القيادات المختلفة دون التطرق إلى المستقبل وبنائه، مؤكدا ان الاهم التركيز على بناء المستقبل.
عويس: تغيير لغة الخطاب
العين الدكتور وجيه عويس قال :"دعا جلالة الملك عبد الله الثاني قبل ظهور داعش بسنوات إلى ضرورة اصلاح العملية التربوية وبناء جيل متفتح بفهم الحوار والديمقراطية واحترام الآخر".
واشار إلى أنه عندما امر جلالته بانشاء لجنة ملكية في عام 2007 للتعليم قال جلالته بالحرف :"نريد التغيير للأفضل من خلال التربية والتعليم والمناهج".
ونوه عويس إلى أن انتشار العنف في الجامعات والغش في الثانوية العامة واستبدال القوة بدلا من الحوار في مختلف المؤسسات مرده الثقافة السلبية والتركيز على التعليم اكثر من التربية.
وشدد على ضرورة اصلاح العملية التعليمية وتغيير لغة الخطاب ابتداء من الصف الذي يسبق المدرسة للاطفال البالغة اعمارهم 4 سنوات ولغاية الثانوية العامة لإعادة الامور إلى صوابها، اضافة إلى تركيز جلالته على تنمية القوى البشرية.
وأكد ان الحصن المنيع ضد خطاب الكراهية والتطرف هو اصلاح التعليم وصقل شخصية الطالب من خلال اسلوب تفاعلي تحليلي ويعرف الطالب ما له من حقوق وما عليه من واجبات، من خلال مدارس ومعلمين مؤهلين لأن يكون المعلم فيها قدوة لطلبته.