أحيانا ...تشعل السيجارة , وتحس بطعم غريب , هو ليس بطعم التبغ ..يشبه نوعا ما طعم (البلاستيك) وحين تدقق تكتشف أنك أشعلت سيجارتك بالعكس ....فورا وبعفوية ودون شعور تقول :- ( أخ) ...
أحيانا وحين تعود إلى المنزل وتجد , صحن الفاصولياء وبجانبه ... صحن الأرز والخبز ..وتبدأ بالأكل لفرط الجوع ...ونتيجة النهم الشديد تقضم (قرن فليفله) حار جدا ... فيشعل في فمك النار , تتوقف عن القضم ..وتتناثر حبات العرق فوق جبينك ودون وعي وشعور ...تقول :- (أخ) ...ثم تشرب الماء وتمضي محاولا إطفاء النار في فمك ...
أحيانا ...وحين تعود ليلا , وجميع الجيران غطوا في نومهم , وتبدأ بلملمة أغراضك من السيارة لحظة إيقافها للدخول إلى منزلك ...ونتيجة للتعب تضع إصبعك على طرف الباب ..وعن دون وعي وفي لحظة تقوم بإغلاقه ,فيطبق الحديد على الإظفر ...وتصرخ دون سيطرة على ألمك :- ( أخ) ... ثم تنظر للشبابيك كي لايكتشف احد من الجيران حجم الغباء الذي تنعم به , وتطمئن أنهم لم يرونك .. ثم تصعد إلى المنزل .... و ( أخ) في فمك لا تفارقك من الالم .
أحيانا ..وحين تحاول إصلاح سلك الكهرباء في المنزل , وتنسى أنه تعرى تماما مثل واقعنا العربي , وتنغمس في فصل الأسلاك عن بعضها فتلدغك الكهرباء تصرخ بدون وعي :- (أخ) ...
أحيانا ...وحين تنغمس في حديث من دون قيمة مع صديق من دون قيمة أيضا وعلى الهاتف عن قانون الانتخاب , وتنسى الوقت وتكتشف أنك تأخرت على زينة التي أنهت الحصة الخامسة وتنتظر (والدها ) كي يأتي لأخذها , تصرخ بكل ما في اللحظة من تعب :- ( أخ) ...وأنا أخلف كل المواعيد والمواقيت , إلا موعد إحضار زينة من المدرسة ....هنا تصعد ( أخ) من صدرك مؤلمة حارقة , كيف يجرؤ إنسان أن يتأخر على قلبه ؟
أحيانا ..وحين تفقد مفتاح العلب وتقرر , أن تفتح علبة (السردين) بالسكين المنزلي وفي لحظة غفلة , يخدشك صفيح العلبة ..وينزف دمك , ولحجم الألم تصرخ من داخل قلبك ...(أخ) ..
أنا لا اكتب مقالا ...ولكني فقط أقول :- ( أخ) ....وأحاول أن اترجم الألم حرفا يتلوه حرف ...
كل اهات الدنيا ...من (حرارة الفليفلة) , لخدش الصفيح , ولدغة الكهرباء ...والتأخر على المواعيد ...كلها لا تعادل الـ (أخ) التي تصدر من قلبك حين يذكر إسم الأردن في الأخبار ...تلك هي الـ ( أخ) الوحيدة التي لا أفهمها , هل هي وجع المبتلى بالهوى ؟ ...هل هي عشق ؟ ..... تلك الوحيدة التي لا أفهمها ...ربما هي كل ما قلت ...
لهذا لا تلوموني إن قلت لكم ( أخ) .
الرأي .