إسرائيل هي التي ثبّتت الأسد في سوريا
اسعد العزوني
01-10-2015 12:25 PM
يعتقد الجميع وكنت شخصياً من ضمنهم، أن إيران وروسيا هما الدولتان اللتان ثبّتتا حكم الرئيس السوري بشار الأسد في البقاء في سدة الحكم، رغم الدمار والتهجير والتشريد الذي حل بسوريا وبشعبها المكلوم بولائه السابق لنظام الأسد الأب والابن، علما أن بشار كان يستعد للرحيل وبحسب معلومات من داخل دائرة حكمه الضيقة، في الأشهر الثلاثة الأولى من اندلاع النار في الهشيم، لكنه عدل عن موقفه وقرر البقاء ومارس القتل بالبراميل المتفجرة وبالكيماوي، وها هو العالم "الحر" يعلن أنه جزء من الحل؟! فما الذي جرى ولماذا قرر الأسد البقاء في الحكم، وما هو سر تغير نظرة المجتمع الدولي للأسد؟
أثناء غوصي في فضاء الإنترنت بصحبة العم غوغل عثرت على المفاجأة المذهلة، وهي عبارة عن رسائل من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى مراكز الضغط اليهودي في الغرب تقول:"واصلوا الضغط على حكومات بلادكم للإبقاء على بشار الأسد رئيسا في سوريا،لأنه حليفنا الاستراتيجي هناك".
لم تقف الأمور عند هذا الحد، بل هناك ما هو أخطر من ذلك وهو أن الصهيونية قامت بالتشبيك والإتصال مع بعض قادة الجلاء السوري ومن أبرزهم جد الأسد، وهناك رسالة صهيونية موجهة لقادة الجلاء تقول: " غضوا الطرف عن جنوب سوريا "فلسطين" نعدكم بالسعي لدى باريس لمساعدتكم في الحصول على الجلاء". كما أن هناك رسالة من جد الأسد تقول:" نحن الذين نستطيع الوقوف معكم وليس السنة الهبلان".
هنا تكمن المأساة، وقد يشكك الجميع بهذه المعلومات وربما تصل الأمور إلى الشتيمة والتهديد بالقتل، فهذا أمر إعتدنا عليه في الشرق الذي يعتمد العاطفة سبيلا للحكم على الأشياء، ويبعد العقل والمنطق ولا يقبل إهتزاز الأمور التي تصل مرحلة المعتقدات .
لكننا وفي حال أعملنا المنطق، وتركنا الأمور تسير على هدي العقل الراجح المتزن الباحث عن الحقيقة، لا الذي يكرس الإعتقاد الخاطئ خوفا من إهتزاز الولاء، فإننا نصل إلى بر الأمان وتكون الحقيقة بين أيدينا بسهولة ويسر، وكم ستكون الفرحة عند أصحاب العقول الراجحة عندما يتوصلون إلى الحقيقة التي أريد طمسها .
أولى ومضات الحقيقة تبرز عند الإجابة على سؤال يتعلق بإفشال الوحدة بين مصر وسوريا، وثانيها بتسلم حافظ الأسد مقاليد الأمور في سوريا، وإستقرارها له ولطائفته وتوقف الإنقلابات التي كانت تشتهر بها سوريا، كما أن الأسد الأب قد أعدم أو وضع كافة "رفاقه "الحزبيين في غياهب السجون، ومن ثم تحولت سوريا من جمهورية إشتراكية إلى مملكة وراثية غير معلنة بتسلم بشار الحكم، بعد قيام مجلس الشعب السوري بتفصيل قانون يسمح لبشار بتسلم الحكم بعد وفاة أبيه، ولم تستغرق العملية سوى دقائق معدودات.
الشواهد على علاقة نظام الأسد بإسرائيل ظاهرة للعيان لمن أراد الوصول إلى الراحة النفسية والتخلص من الشكوك وعدم القدرة على الإنتقال من موقف الموالي الأعمى إلى موقف المعارض الحقيقي، فهذا النظام لم يسمح بداية للفلسطينيين بإتخاذ الأراضي السورية منطلقا لشن الهجمات المسلحة ضد مستدمرة إسرائيل، وقد يقول ساذج: وماذا عن وجود مكاتب التنظيمات الفدائية الفلسطينية في دمشق؟
الجواب هنا واضح وضوح الشمس في عز النهار، وهو أن السلطات السورية البعثية كانت تستفيد فائدة مركبة من هذا التواجد أولها تأجير المكاتب بالبلاطة وبالدولار، وكذلك محاولة الإمساك بهذا التواجد كورقة ضغط ومساومة وتضليل، ناهيك عن لهف 90% من المساعدات العربية إلى الفلسطينيين، ولا أريد الحديث عن المبالغ الكبيرة التي تبلغ مئات الملايين من الدولارات، التي تنازلت عنها منظمة التحرير الفلسطينية للنظام السوري تحت التهديد وطائلة الترحيل فيما لو طالب بها او كشف عنها احد، وقد كنت شاهد عيان على بعض الحوادث خاصة إبان عدوان 1982 الهمجي حيث صادرت السلطات السورية طائرة دم كويتية وطائرة ادوية سعودية وشحنة رادارات يمنية، ومساعدات خليجية كبيرة جرى توزيعها على المدارس السورية على أنها هدية من حزب البعث العربي الإشتراكي.
أما ثالثة الأثافي فإن قرار النظام السوري بالسماح للمنظمات الفلسطينية بالتواجد في دمشق، نابع من الرغبة في التجسس على نشاطات المنظمات الفلسطينية كوظيفة ودور لهذا النظام، ولا ننسى عملية التوظيف التي جسدها عميل النظام أحمد جبريل .
ومن أراد الإستزادة عن علاقة مستدمرة إسرائيل بالنظام الأسدي في سوريا عليه أن يتوقف عن الإنفعال قليلا ويسأل نفسه: لماذا لم يطلق هذه النظام ولو رصاصة واحدة على مستدمرة إسرائيل، أو الطلب من دروز الجولان الموالين له بالثورة على الإحتلال منذ إحتلال الجولان حتى يومنا هذا، ثم هل يعرف الجميع كيف سقطت الجولان؟
لقد بيعت بمئة مليون دولار من قبل حافظ الأسد، وقيل أن الشيك الموجودة صورته في ملفات الراحل جمال عبد الناصر كان بدون رصيد.
ولأن الشواهد كثيرة على خيانة النظام الأسدي فإن المطلوب من الموالين له وخاصة خارج سوريا أن يسألوا انفسهم عن مجريات حرب تشرين المجيدة عام 1973 وسر معارضة دخول الجيش العراقي إلى سوريا إلا بعد تعهد من موسكو بإخراجه فور وقف إطلاق النار، وكذلك عن سر تسلم الجيش الإسرائيلي للمناطق التي كان يحررها الجيش العراقي ويسلمها للجيش السوري في منطقة الجولان، وكذلك عن موقفه في حرب عام 1982 وصمته المطبق عن إبادة الفلسطينيين واللبنانيين هناك وصمته المخزي عن إحتلال بيروت من قبل شارون.
علاوة على ذلك ألم يوغل النظام في التفاوض مع مستدمرة إسرائيل وما نسمع عنه وديعة رابين"وديعة الأسد"عام 1993 ومفاوضات أنقرة،لكن أولميرت رفض إعادة ما إشترته إسرائيل من الأسد... وبناء على ما تقدم ألا يحق لمستدمرة إسرائيل أن تفعل المستحيل للإبقاء على حاميها الشمالي؟