في زمن الطفولة ، كان عندما يغلق الباب على أصابعنا الرفيعة ونشعر أن المشهد الذي أمامنا من جدران وخزائن وأشخاص كله «ينبض» مع نبض الإصبع الموجوع ،وصوت البكاء مضبوط على أعلى مستوى.. يأتي أحدهم ويقايضنا الوجع بحلوى «تأخذ حلوى وتسكت» تمر هذه العبارة بمعالجة دماغية سريعة تنتهي الموافقة ، فنأخذ الحلوى ونسكت وبالتالي نخرس اللسان الملهي بالصراخ ببعض الحلوى ونخون الإصبع المتضرر..
قبل سنة تقريباً ركض طفل أمامي هارباً من صديقه وارتطم رأسه بسيارة للتو تتحرك من مكانها وبدأ بالصراخ الشديد ، الحادث يبدو للوهلة الأولى حادث دهس لكن في الواقع هو ارتطام جسم متحرك بجسم ثابت تقريباً ..فاقترح أحد المتجمهرين على الطفل أن يشتري له السائق «بوظة» لكي يبرّد على رأسه «الحامي» فوافق الطفل على الفور... وبعد دقائق كان «يلحس» البوظة بمشاركة صديقه المطارد ويده اليمنى على نافوخه الموجوع... وبالتالي أُخرس اللسان الملهي بالصراخ وتمت خيانة الرأس المتضرر بحبة بوظة لولبية..
***
الطفل السوداني الأميركي أحمد محمد ، بقي طوال الليل يمرر الأسلاك من تحت اللواقط ويضيف النابض تحت العقارب حتى يفاجئ معلمته في اليوم التالي بساعة منزلية الصنع عله ينال تقديراً مميزاً او كلمات ثناء تكافئ التعب المقتطع من ساعات اللعب .. وفور كشف الغطاء عن «الساعة البدائية» ، ذعرت المعلمة وطلبت من الشرطة اعتقاله اعتقاداً منها : إن احمد ومحمد ومحمود وعبد الله لا يمكن ان يخترعوا الا القنابل والموت والقتل ولا يمكن ان يشغهلم اختراع ينظم «الزمن»!...فتم اعتقال الصبي استناداً لــ «الأصول»...يا لحجم الوجع الذي اصابك يا احمد! ..
***
في نفس النهار وحسب نظرية «الحلوى والبوظة»..فقد دعا الرئيس الأمريكي الطفل السوداني أحمد.. صاحب «الساعة القنبلة»... ومن باب تلطيف الجو وتبييض صورة البيت الأبيض المعتمة في عيون المتّهمين بلونهم ودينهم جامل أوباما الصبي قائلاً : «ساعة لطيفة يا أحمد، هل تريد إحضارها إلى البيت الأبيض»؟..فسكت احمد وقبِل الدعوة ، وقال الطفل ببراءة فور خروجه من مكتب الرئيس انه يتمنى ان ينتقل من مدرسته القديمة الى مدرسة أخرى ، يا الهي لقد تم إسكات اللسان الملهّي بالحزن بقبول الدعوة، والرضا بتغيير المدرسة لا بتغيير نمط التفكير ...لقد كان الوجع الذي تسبب لأحمد أكبر بكثير من جائزة «الترضية»!.....
ياااه لو انك أكبر قليلاً يا احمد .. لدعوتك ان تلفظ «الرضا» من فمك.. وان تصرخ تحت قبة البيت الأبيض.. انا إنسان أحب وأكره واخترع... أنا أحمد، أنا الفتى الأسود.. إذا كان إرهابي مجرد خيال عندكم .. فإرهابكم كل لحظة يتجدّد.. أنا احمد.. أنا الفتى الأسود...
الرأي