"دعونا " مبادرة اممية جديدة لجلالة الملك
د.بكر خازر المجالي
30-09-2015 12:42 AM
"دعونا " مبادرة أممية جديدة لجلالة الملك عبدالله الثاني على قاعدة الفكر
تزداد وتيرة الحوار وضرورة فتح كل قنوات الاتصال اهمية يوما بعد يوم مع تزايد قوة الارهاب والتطرف مع الضعف النسبي والتردد في حشد القوة الكافية للقضاء على منابعه واصوله ،
قبل سنوات قال جلالة الملك عبدالله الثاني علينا ان لا ننتظر الارهاب حتى يصلنا ،والان تتأكد هذه الرؤية وتتضح لنا البعد الاستراتيجي للسياسة الاردنية في التصدي للارهاب الذي هو ارهاب فكري بأدوات الشر القاسية التي تريد محو تراث البشرية وخلق عقيدة جديدة تكفيرية شريرة.
واليوم نستمع لجلالة قائدنا من على منبر الامم المتحدة يخاطب العالم بلغة لا يختلف على قواعدها اثنان ،ويشعر كل انسان انه شريك ومعني في تحمل المسؤولية الانسانية ازاء الامن الانساني والاستقرار المجتمعي وتوفير المناخ الانسب لاستمرار النهوض والرقي ،ولكن في خطاب جلالته الاثنين 28 ايلول 2015 يتجه نحو تعظيم ما تم من مبادرات والبناء عليها وان لا نبدأ كما يحصل كثيرا من اول السطر خاصة وان الاردن قد انجز الكثير من منطلق مسؤوليته الاخلاقية والانسانية تجاه المجتمع الانساني ، فكانت مبادرة رسالة عمان ومن ثم كلمة سواء الى اطلاف الاسبوع العالمي للوئام بين الاديان ،واليوم استطيع القول اننا امام مبادرة اخلاقية عالمية هي مبادرة ""دعونا "" تتجه نحو الفكر والعقل وتتجاوز التنظير ومعسول الكلام اتلى طرح خارطة طريق قابلة للتطبيق وتحتاج الى مصداقية و جدية الجهود الدولية في الالتزام بمسار العقلانية وحذف كل اسباب الاختلاف والتصدي لكل اشكال الاضطهاد على اساس العرق او الدين لنشعر اننا في عالم نظيف من الشر حتى نعرف كيف نتصدى للشرور الانسانية .
مبادرة دعونا بقواعدها السبعة استهلها جلالة الملك بقاعدة ذهبية خارج هذه السبع حين قال : دعونا نسأل ماذا لو لم تتم هزيمتهم ؟ وباعتقادي ان هذا هو جوهر الموضوع هذا اليوم ، وتساؤل جلالته هذا هو التساؤل عن قيمة كل ما يجري من تصد للارهاب باشكاله الان اذا لم يحقق الهزيمة الكاملة على المسرح العالمي ،ما الفائدة من كل اجراءاتنا في غياب العدالة الاجتماعية والتردد الدولي والحرب بالاقساط على الارهاب مع وجود منابع واضحة تخرج من قلب دول تقول انها تتصدى للارهاب بكل ما تملك ، واذا كانت اشارة جلالة مليكنا الى التدمير الممنهج لتراث البشرية ،وهنا التساؤل اين هي اجراءات البشرية بحماية تراثها ؟
وبعد هذا نقرأ في المبادرة ذات السبعة قواعد دعوة على اساس "دعونا " بلغة خطاب مباشر وواضح تناولت اساسيات مشاكلنا وعقدة تفكيرنا واسباب ارهابنا "وأقول ارهابنا لان لنا دور في صناعته كبشر " ونلاحظ ان ادوات القواعد السبعة هي ذاتها صورة من الاسباب الاساسية للشر في العالم ،
فالقاعدة الاولى "دعونا ان نعود للاصل والجوهر في الدين والمعتقد .. بالمقابل ان واحدة من افات الارهاب اليوم هي الاصولية المتزمتة والرافضة التي اختطفت الاصل بمعناه النبيل لتخرج باصولية التكفير والشر ،
والقاعدة الثانية هي في" دعونا " ان نغير لهجة الخطاب الذي هو بمظهره الغالب هو لغة الوعيد والتهديد والتحريض على معاداة الاخر وتكفير الاخر ، واضافة للامثلة التي اوردها جلالته اقول قد سمعت باذني اكثر من خطبة صلاة جمعة تبث عبر مكبرات الصوت في مدن فيها المسيحيون والمسلمون معا تسيء الى الاديان الخرى وفيها لغة التنفير والكراهية واضحة ،والقاعدة الثانية هذه تتصل بالقاعدة الرابعة لتعظيم صوت الاعتدال وتأكيد دور وسائل الاعلام لتكون هي معتدلة بعيدة عن المصلحية الذاتية وتسديد الحسابات ونشر النفور ،والامر لن يتوقف عند القاعدة الثالثة "دعونا نترجم معتقداتنا الى افعال " طالما اننا بحاجة الى مراجعة شاملة لكيفية هذه الترجمة في مجتمعنا الذي يعاني احيانا من ازمة في خطوط الاتصال الفكري وثقة نسبية في لغة الاقناع بسبب الشعور بعدم جدية المجتمع الدولي في اجتثاث الارهاب الى الحد الذي نرى فيه ان من يكافح الارهاب هم من صناعه والمستفيدين منه ،ونحن من يدفع الثمن مقابل فوائد يجنيها الاخرون .وهنا اهمية القاعدة الخامسة في كشف الزيف والخداع على حقيقته ،الزيف الذي مصدره شهوة السلطة بوسائل المال والدين وهنا الدعوة لان ندرك اننا كمسلمين نشكل ربع سكان الارض ومن يمارس الارهاب والتكفير هم " قطرة في محيط الصالحين " وهذا التحدي يمكن ان نقابله بتكرسي مفهوم التسامح الذي لا يقبل التطرف كقاعدة سادسة وتنمية وتطوير وتعزيز معسكر الاعتدال على اساس احترام كل دين لدين الاخر، والقدس هي نموذج واقعي لتكريس مفهوم احترام جميع الاديان ونقرأ في الاهتمام الهاشمي ببنيانها ورعايتها كمدينة للموحدين بالله اكثر من رسالة للعالم الانساني فيها النموذج الحقيقي لمعاني التسامح واحترام الاخر. وفي القاعدة السابعة نصل الى كنه المشكلة المعاصرة من خلال ثورة وسائل الاتصال والفضاء المفتوح والنقل المباشر للاحداث والتركيز على حدث ما دون غيره ،ونقل صورة الارهاب بطريقة بشعة ومرعبة وتصوير جهود العالم في التصدي للارهاب بانها خجولة ومترددة ومرة اخرى انها مقاومة الارهاب بالاقساط ، بنفس اسلوب دعم الدول النامية بهدف ان لا تموت هذه الدول بنفس الوقت ان لا تحيا حياة كريمة بل ان تبقة بحالة المحتاج ، بمعنى ان الخوف من الارهاب يغشى الدول النامية والعالم الثالث وان من مصلحة العالم الاول ان يبقى هذا الارهاب كمصدر تهديد لدول العالم الثاني الى الخامس حتى يبقى هؤلاء بحاجة اليهم ،،من هنا كانت الدعوة الذكية لجلالته بدعوة العالم لان نعمل بشكل جماعي ، وكان خطاب جلالته مباشرا بقوله """ سيداتي وسادتي، إننا، ومن خلال اجتماعنا هنا اليوم، نقر بأن فاعلية العمل الجماعي تتجاوز بكثير قوة أي مجهود فردي."""
لا يمكن الا ان نقف باعتزاز امام هذا الخطاب التاريخي لجلالة قائدنا ، خطاب من اجل انسانية العالم ونبذ الكراهية الدينية والمجتمعية والعرقية ،ودعوة الى التصدي الشامل والجدي للارهاب ،وتعظيم القواسم الايجابية بين كل فئات المجتمع الدولي ..
وتبقى مسؤليتنا كأردنيين في تفعيل لغة خطاب المحبة بيننا ،واذا كانت دعوة جلالة مليكنا للعالم ،فنحن مدعوون الى ان ندعو انفسنا الى لغة خطاب بيننا على اسس العدالة والفهم والاحترام بعيدا عن الاقصاء والتغييب والانغلاق حتى لا ندع للكراهية والعصبيات مسارا بيننا ....