حين خالف الملك التوقعات وفاجأ العالم
د.عبد الناصر الخصاونة
29-09-2015 11:14 PM
وحده السخي في الدفاع عن الاسلام وقيمه ومبادئه الاخلاقية والانسانية ، وحده السخي في قلقه على الاستقرار العالمي وعلى مستقبل الاجيال، وحده السخي في الدفاع عن الاخر ، أيا كان هذا الاخر، ووحده السخي في التصدي للتطرف والارهاب وخطاب الكراهية .. نعم بكل فخر انه ملك الاردن.
لاشك ان الملك فاجأ العالم حين قدم خطابا تاريخيا امام الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها السبعين في الفترة الصباحية، وبالمناسبة لم يكن ترتيب المتحدثين الذي وضع الملك بين الكبار، من قبيل الصدفة.
ففي الوقت الذي ترقب فيه الاردنيون والعالم خطابا شديد اللهجة شعبويا يهاجم فيه الكيان الصهيوني وممارساته الدنيئة في المسجد الاقصى، عاكس الملك التوقعات وقلب مزاج الرأي العام العربي والعالمي على حد سواء، وهذا ما عكسته تعليقات بمختلف اللغات العالمية على الخطاب والتي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي.
فأي زعيم في العالم يقدر له اعتلاء منصبة الامم المتحدة للتحدث، مرة واحدة كل عام، أمام العالم لدقائق معدودة ويخصص جل خطابه للحديث عن القيم الانسانية بدلا من استغلال الحدث العالمي للحديث عن القضايا المحلية والاقليمية ذات الخصوصية.. انه زعيم من طراز فريد ذلك الذي يحمل هموم الكون على كتفه ويجوب العالم داعيا للسلام والحوار والمحبة.
توقع مراقبون ان يخصص الملك خطابه في الامم المتحدة لعرض تداعيات الصراع السوري على الداخل الاردني اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، وطلب العون والمساعدة الدولية للاقتصاد الاردني لمواجهة الازمة، غير ان المسؤولية التاريخية والدينية والقومية الملقاة على عاتق جلالته عاكست توقعات المراقبين ، وقدم الملك رؤية واستراتيجية شاملة من 7 نقاط يستحق بلا شك ان ينال عنها جائزة نوبل للسلام.
لست هنا بصدد استعراض محاور الخطاب الملكي، ولكن الاقتراحات السبع التي قدمها الملك للعالم تكفي لحل كافة النزاعات والازمات التي تقبع على صدر العالم، فالتطرف وخطاب الكراهية والترهيب وغياب لغة الحوار وتهميش ما يجمعنا وتعظيم ما يفرقنا، عوامل تشترك فيها كافة الازمات العالمية من الارهاب الى الصراع في سوريا مرورا بالازمة اليمينية وليس انتهاء بالاحتلال الصهيوني لفلسطين التاريخية.
وصفة سحرية شافية وافية قدمها الملك للعالم المتهالك ، وقد وصف جلالته بدقة ما يشهده العالم اليوم بأنها حرب عالمية ثالثة، وللانتصار فيها ليس امام العالم سوى تجرع الصوفة الملكية حتى ينتصر صوت العقل والحكمة والاعتدال والبناء.. او تركها ويترك معها مصير العالم بين يد الجهل والتخلف والتطرف والقتل والدمار.
بعدما استمعتم لخطاب جلالته أما زلتم تتساءلون عن سر الرؤوس الاردنية الشامخة؟؟