شمعتان وستون شمعة للوطن25-05-2008 03:00 AM
في عيد الاستقلال تتجلى عظمة الشعوب التي كافحت وناضلت في سبيل نيل حريتها، ولكي تأخذ مكانتها بين الأمم المتحضرة.. والتاريخ سجّل بأحرف ناصعة كلّ تلك الجهود التي بذلت من قبل الشعوب المضطهدة والمستغلة والتي قاومت الاحتلال والاستعمار وكلّ حالات الوصاية والحماية والانتداب، وهي مسميات وإن بدت مختلفة، لكنها في الحقيقة تحمل المعنى ذاته من قمع للشعوب والسيطرة على مقدراتها، بل إن التاريخ والذي مهما حاول المزورون أن يكتبوا ويشوهوا فيه، فهو يظلّ مصرّاً على أن الاحتلال هو شكل بغيض ومكروه حتى لو جاء تحت دعاوى إنسانية، وقد يكون التاريخ قد خلّد أسماء ومعارك لمستبدين كثيرين، وربما يكون قد شهد للمستبد بقوته وجبروته، لكن التاريخ لا يمكن له أن يشيد بأي محتلٍ أو مغتصبٍ، فهذه من الأمور المشتركة التي يكاد يتفق عليها جميع شعوب الأرض.. بل إن الشواهد التاريخية ترفع عالياً من قيمة وأثر موعد دحر الاحتلال، فيما لا يكاد يذكر موعد بدء الاحتلال.. لقد وقعت الأرض العربية وشعوبها تحت نير الاستعمار لعشرات السنين، ومنها ما تجاوز المائة وثلاثين عاماً كالجزائر، والأردن وهو في الموقع الجغرافي والتاريخي والسياسي وبما يمثله من أهمية إقليمية ودولية، وضمن الإفرازات المجحفة التي خرجت عن قرارات سايكس وبيكو، فقد وضع الأردن وفلسطين تحت الوصاية البريطانية، ولولا حكمة وحنكة الهاشميين وعلى رأسهم الملك المؤسس المرحوم عبد الله الأول، الذي استطاع بأن ينقذ الأردن من الهيمنة الصهيونية، وهو استند في ذلك إلى الشرعية الدينية والتاريخية والسياسية والقومية، ومعتمداً على الدعم التام من أحرار العرب الأوائل، ومن أحرار الأردن الذي كان دائماً عروبياً في مختلف المواقف التاريخية، وحيث كانت معان قبلة الأحرار العرب والثائرين الذين وجدوا المأوى والملاذ بين إخوانهم الأردنيين، وكانت راية الثورة العربية الكبرى قد ورثها الملك المؤسس بعد إفشال المشروع العربي الفيصلي في سوريا ومن ثم في العراق، وكان الأردن حاضنة الثورة والثوار العرب، إلى أن جاء الخامس والعشرين من أيار لعام 1946 والذي أعلن فيه استقلال الأردن وإعلانه مملكة أردنية هاشمية بقيادة الملك المرحوم راعي الاستقلال عبد الله الأول، وبدأ البناء الشاق والطويل مع ندرة الإمكانيات، وجاء الدستور الذي امتاز بحضارته وإنسانيته، وأعلن عن تعريب الجيش ليصبح الجيش العربي الهاشمي، وقاد الهاشميون سفينة الوطن وسط أمواجٍ عاتية ومتلاطمة، إلى أن تسلّم الراية جلالة الملك المعزز عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، وليس من شاهدٍ على مدى النماء والإعمار الذي شهده الأردن مثل أن يذهب الواحد منا وعائلته إلى متحف السيارات الملكي أو إلى أمانة عمان ليشاهد الصور الملتقطة لمدينة عمان في الثلاثينيات، ثم في الستينيات، ثم في التسعينيات، وصولاً إلى عمان 2008، لكي يتحقق بأن هذا الأردن وهؤلاء الأردنيون، هم بناة وحضاريون، وهم عروبيون بالمفهوم الإنساني لا الشوفيني، شمعتان وستون شمعة تضيء سماء الوطن، تنير الدروب، وعلى وهجها تستريح القلوب.. أردن يا كوكبة الأحرار، يا صفحة الغار، وعبق الثوار.. كل عامٍ وأنت والهاشميون فخرنا ومجدنا.. |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة