ويحل العيد من جديد , والعرب دون سائر الشعوب في ضنك شديد , حيث الدم والقتل والتشرد والدمار والعنف على أشده , لا بل والفقر والجاهلية ألاولى هي عنوان الحال , فالناس تقتل وتتشرد في طول البلاد وعرضها وبحورها , والقدس تهود والاقصى يئن وفلسطين غدت في عداد النسيان , وعرب مسلمون من بني جلدتنا يقاتلوننا ويمهدون للاجنبي إستباحة بلادنا بنزعة طائفية مقيتتة شريره .
ذلك حال مستجد يتنافى وفرحة العيد ومعانيه العظيمه , وذلك حال يتنازع فيه الاغراب وتتقاطع مصالحهم تارة وتلتقي تارة أخرى على أشلائنا نحن العرب , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , والسعيد منا من أحرز النجاة من هذا الكابوس المستفحل ولو إلى حين , والشقي منا هو من بات فريسة لكل طامع وطامح وصاحب هوى في هذا العالم الواسع الارجاء .
هو العيد إذن , فاهلا به وسهلا , وهو فرصة لأن تراجع النفوس واقعها المر , لتعود عن غيها وضلالها وتتفكر بما آلت إليه أحوال العرب والمسلمين , لتبحث عن سبيل يعيد للاعياد ألقها الذي كان , ولتبدأ كل نفس بذاتها , فقط ليحاول كل منا ان يكون محترما بكل ما تعنيه الكلمة من معنى , وعندها سيصلح الحال وتستعيد الامة وعيها لنصحوا وقد أصبحنا أمة محترمة , وعندها سنكون كما ارادنا الله جلت قدرته , خير أمة أخرجت للناس , نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر , لينصاع العالم طائعا ومكرها لإحترامنا , عندما نغدوا جديرين بإحترامه .
وبعد , نسأله تعالى أن يبارك عيدنا , ونفوسنا , وأن يرأف بحالنا , وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن , وأن يحفظ بلدنا الاردن من كل شر وشرير , وأن يديم علينا نعمة الأمن والإستقرار , ويرفع عن شعبنا غائلة الفقر والفاقة , وعن الشعوب الشقيقة كلها , ضنك الحروب والتطرف والتشرد , إنه هو السميع البصير مجيب دعوة الداعي إذا دعاه صادقا متيقنا من قدرته التي لا تدانى سبحانه وتعالى . وكل عام ونحن جميعا خير عربا ومسلمين بخير منه جل في علاه .