يطيب لي بين الفينة و الاخرى زيارة مستشفى البشير (مستشفى الشعب) وهو كذلك يقدم الخدمة العلاجية لاكثر من مليون ونصف مواطن ...

والهدف من زيارتي هذه لهذا المستشفى الكبير ،فحول مبناه في جبل الاشرفية كانت مرابع طفولتنا وصبانا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي حيث بيوتنا صغيرة وضيقة والعائلة كبيرة ولم نجد مكانا لمراجعة دروسنا الا حقول القمح الذي كان يتزنر بها هذا الجبل الاشم والذي هو الاعلى من جبال عمان السبعة..

فوق ذلك فاصدقائي من اطباء وممرضين وفنيين وغيرهم من العاملين في هذا المستشفى دائم ومتواصل بعضهم دخل نادي المتقاعدين واخرين "هربوا " الى القطاع الخاص او دول الخليج وقلة قليلة من هؤلاء الاصدقاء لايزالون صامدين رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها وتتزايد هذه الصعوبات يوما بعد يوم .

من اروع هؤلاء الاطباء الدكتور منيب ايوب مدير دائرة الباطنية في مستشفى البشير ولسنوات ....لقد كان الدكتور منير ودود طيب وبارعا لاتقبل والدتي رحمها الله طبيبا غيره ولو كان من نيويورك وواشنطن والتي كانت تعاني من ضعف في عضلة القلب .... واتذكر ان الدكتور سهيل سليمان وهو اخصائي قلب ومن اشهر الاطباء في
المستشفى غضبت رحمها الله لانه سيقوم بمعالجتها لان الدكتور منيب كان غائبا .

المعاملة من الدكتور منيب كانت لطيفة جدا لها ولغيرها يتم العلاج فتخرج في كامل صحتها ولكنها كانت تعود الى طبيبها الدكتور منيب بعد اسابيع واحيانا ايام والاسباب معروفة عدم ابتعادها عن الاطعمة المالحة وعدم تناول ادويتها بانتظام ..

طبيب اخر هو المرحوم الدكتور سهيل الكايد مدير المستشفى في نهاية الثمانينات فقد كان المستشفى شغله الشاغل وكم سعى لرفع شائنه ولكنه لم يجد اذانا صاغية من المسوؤلين الكبار في الدولة..

ولا انسى في هذه العجالة الصحفية طيب الذكر الدكتور زهير تيف مدير المستشفى في اوائل التسعينات (شركسي صلب ) فقد كان يتخوف مما ال اليه المستشفى واصر ان يعامل معاملة خاصة وان يكون مرتبطا بالوزير او الامين العام لانه المستشفى الاكبر في المملكة ..

واتذكر ان الدكتور تيف (سرّب) لي مشروع نظام للاسعاف والطوارئ اعده طبيب مشهور وكان مديرا لمستشفى الجامعة الاردنية .. فنشرته في (الرأي ) كاملا بعجره وبجره .... ويجبر ويلزم هذا النظام المواطنين ذوي المرضى بنقل مرضاهم بسيارة اسعاف وحتى بطائرة مروحية والتابعة ل "شركات اسعاف وطوارئ" خاصة تقام على عجل اذا جرى التصديق على هذا المشروع الذي رفض مثله الشعب البريطاني في السبعينات وواجه هذا النظام نقدا كبيرا من شخصيات وطنية ونقابات ونواب ...... وذات يوم وكان يوم جمعة صدرت الارادة الملكية بطي هذا النظام واصبح في ذمة الله ...

اول من امس التقيت وفي مستشفى البشير نفسه بJ"طبيب القلوب" والكاتب ايضا الدكتور فخري العكور ...المتالق دائما وابدا منذ التقيته قبل اكثر من خمسة عشر عاما وحتى الان حسبته ولاول مرة احد نجوم هوليود ببدلاته الانيقة الزاهية والثمينة ايضا ..

بعد القهوة ... الحكاية هي نفسها تتكرر لم تتغير ولم تتبدل ومنذ جرى حل المؤسسة الطبية العلاجية العام 1989 وما تبع ذلك من تدهور في اوضاع الاطباء العاملين في الصحة وعلى الاخص اطباء الاختصاص في المستشفيات الحكومية وفي مقدمتها مستشفى البشير ..التحذيرات كثيرة ولكن لاحياة لم ينادي ....!

"طبيب قلوب" عنوان مقالتي هذه ربما يكون اغنية للموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب ...والله اعلم..!

Odeha_odeha@yahoo.com