الأردنيون المسيحيون يفيضونَ على الفيسبوك بمشاعرِ التهنئةِ والمحبة بعيدِ الأضحى، مثلما يفعلونَ في كلِّ عام. يُعايدونَ على أهلهم وجيرانهم وأصدقائهم.
هذا هو السياقُ الطبيعيُّ. وغداً سيكونون في أوائل المهنئين، يزورون البيوت للمودَّة والقهوة والمِلْحِ والخبز. ولا جديدَ، ولا غريبَ. فأجدادهم الغساسنةُ قاتلوا مع المسلمين في معركةِ مؤتة، ضدّ الغزاة، ومنهم شهداء في طليعة الشهداء عندما تعلَّقَ الأمرُ بالدفاعِ عن الأردن عبر التاريخ.
الأعيادُ الإسلاميةُ والمسيحيّةُ في هذه البلاد ستظلُّ مناسباتٍ أردنية. فلا دينَ يفرقنا. ولا فتاوى الجهل والظلام، ودُعاة الفتن والكراهية.
نعم. نَحْنُ هكذا عشنا، ونعيشُ في هذه البلاد. فمن أرادَ العبثَ بعيشنا المشترك، فسيظلُّ ينعقُ في وادٍ سحيق، وتنعقُ معه الغربانُ. ذلك لن يعلو على تلاوةٍ في مسجد، ولا على ترانيم في كنيسة. الدينُ لَكَ، والبلادُ للجميع.
كنّا ولا نزالُ، وسيخيبُ التطرُّف الذي يستنكرُ علينا أنْ نعايدَ أهلنا، ويُحرّمُ علينا طعامهم. سنظلُّ نسخرُ من التشوُّه الذي يرى "منسف" الاردنيين المسيحيين حراماً على إخوتهم المسلمين. هو منْسفٌ أردنيٌّ أيها البؤساء. وقد يأتيكم جميدُهُ من ماعزِ جبليٍّ في الكرك ، أو من نِعاجٍ تمشي كالغيوم في سفوح عجلون. هناك حيثُ مرَّ المسيحُ، وعاشت مَرْيَمُ العذراءُ في كهوف عنجرة.
نَحْنُ بخير. وسنظلُّ بخير. وستكونُ لنا دولةٌ مدنية. المواطنةُ معيارها الأول والأخير وسيندحرُ الظلامُ لا محالة. إسألوا الشمسَ، وأنتم تفتحون النوافذَ، واسألوا التاريخَ، واسألوا قلوبكم العامرة بالأمل.
كل عام وأنتِ بخير، يا بلادنا. وَيَا ناسنا. كونوا واثقين أنّ وحدتنا ومحبتنا وضوءنا سيهزم الشرّ والكراهيةَ والظلام..