التلفزيون الجديد والعيد والسقف العتيد
د.مهند مبيضين
22-09-2015 03:11 AM
من المفترض أن الدولة اهتدت إلى شيء يسمى تلفزيون الخدمة العامة، على غرار تجربة bbc التاريخية وغيرها، هذه التلفزيونات تمول ذاتيا، ولكن في حالتنا ومع تلفزيوننا الجديد الذي سيكون مستقلا ومعين له مجلس بإرادة ملكية سيكون الوضع مختلف. هنا ينسى الرفاق أن ثمة مجلسا أعلى للإعلام كان عندنا ومعين بارادة ملكية وصار في الذاكرة، وللأسف ما يقال في ضمان حصانة التلفزيون الجديد هو مجرد كون اعضائه معينون بارادة ملكية، وبالتالي التحصن بالإرادة صار موضة لضمان البعد عن الرقابة في الاداء أو لتبرير الأفعال.
الفكرة الأساسية في الشاشة الجديدة المنتظرة تقوم على أن الدولة فشلت في إصلاح تلفزيونها الحالي وهو الذي مازال مؤثراً ومشاهداً، ولم يجر جهد حقيقي مستقل بصلاحيات واضحة لتطويرة، وقد جرب فيه المجربون ومنهم من هو في قائمة الاختيار لمجلس القناة الجديدة، والأكثر خطورة أن الدولة لا تريد تلفزيونات مستقلة عنها، وتجربة تلفزيون الغد كفيلة بالتدبر.
لكن هل المحاولة الجديدة ستنجح، برغم استباق البعض بالتفاؤل بها، او حتى التشاؤم؟ القول نيابة عن الجمهور صعب، فالناس تحب المنتج الجيد الذي يفرض حضوره على المشاهد، وأما التمويل اللازم للمنتج الجديد فهو من الحكومة، لكن ما دام الحالة كذلك ما مصير الرسم الذي يدفعه المواطن على فاتورة الكهرباء وهو رسم التلفزيون، هل سيتوقف؟ وهل الدولة تعيد تملك وسائل الإعلام بعدما هتف اليسار والحراك والاحرار من الإعلاميين برفع يد الدولة عنها.
كان هذا الهتاف وهذا المزاج، في زمن سابق لكنه غير بعيد، يذكره من وقفوا بالخيام ومتضامنوها ومن استجاب ذات ظهيرة لنداء الوقوف في ميدان محمود الكايد تحت الرأي طلبا لرفع القيود وتحرير السقف، لكن للأسف ثبت أن ثمة من يُدخل الأفكار، ويزين للدولة استعادة سطوتها على الإعلام والحدّ من القائم من مشاريع القطاع الخاص باعتبارها تغرد خارج السرب، هكذا طقس هو الذي يحيط بولادة القناة الجديدة التي تشبه مسلسل ليالي الحلمية في بداياتها وليس البحث عن نهاية مفتوحة لها.
حتى الآن، تظل الاحكام معلقة، لعل وعسى أن يكون المنتج الجديد سليم، وقد رشح أن المخصص مبلغ نحو عشرة ملايين دينار للبدء بالبث، وأقول: لو رمننا في هذا المبلغ مدارس وخصصنا جزءا منها لإدامة بعضها لكان افضل وأكثر جدوى وانفع لمستقبل البلد الذي ينفتح على كل فضائيات الدنيا بدون رقابة وبدون قناة مفضلة جديدة يحيطها الغموض واللبس. أما القول بأن الشاشة الجديدة سيكون سقفها « غير محدود ومطلق» وبدون محددات فهذا هراء واصبح الحديث عن السقف مثل التمائم التي لا تبقي ولا تذر، فلنستمع بالعيد دون الحديث عن السقف المنتظر.
الدستور