أرسلَ "الإخوان" المعزولون أحدَ شبابهم الواعدين إلى ساحةِ الجهاد الالكترونيّ ضدَّ الليبراليين والعلمانيين، فكتبَ مقالاً ركيكاً ومُحزناً، تحدَّثَ فيه عن التطرُّف، وإثارةِ الفتنة.
أردُّ على من أرسلهُ. لا عليه. فهذا شابٌ متحمَّس، يحتاجُ الى مزيدٍ من القراءةِ في القرآن، ليتعلّمَ اللغةَ العربية، بجمالياتها في التعبير وأخذِ المعنى إلى مستوى الدلالة والتكوين. أو ربَّما عليه أنْ يعودَ الى الجامعة، ليدرسَ اللغةَ على يدِ أستاذٍ كبير، مِثْلَ أستاذي الدكتور حنّا حدّاد، الذي كانَ يحفظُ معظمَ القرآن، مع أنه مسيحيٍّ، من أولئك الذين يتمنى الدواعشُ المستترون في الاسلام السياسي أنْ يفرضوا عليهم الجزية، وتلك أحلامهم. على انها أضغاثُ أحلامٍ.
شكراً لــ"عمّون" على نشر مقال الشاب وإتاحة فضائها لتنوُّع الآراء. وأطالبها بالمزيد. وأدعو "الإخوانَ" المعزولين في المرّة المقبلة إلى إرسالِ أشدَّ شبابهم، لُيرهبوا الليبراليين والعلمانيين، كما يليق.
يتهمُ الشابُ "الإخواني" العلمانيين، بــ"التطرُّف"، ويقصدُ واحداً منهم، يكتبُ في "عمّون" منذُ أشهر ضدَّ الظلام والطائفية والتجهيل والتدعيش.
نعم. إنه يَقُولُ ذلك، فهل تكاثرَ "الانتحاريون العلمانيون" وصمتوا على إرهاب "داعش"، ووصفوا المهرجانات الثقافية بمناسبات "الفجور والفسق والمجون". يا لهم من علْمانيين متشددين يُسيطرون على الأحزاب والنقابات، ويجاهدون في عرضِ أزياء في مركز تجاريّ.
قُلْ لشيوخكَ أيها الشابُ الواعدُ إنَّ في بلادنا حركة علمانية حقيقية، تنتشرُ وتحضرُ بفاعلية في العالم الرقميِّ الذكي، وتستخدمُ أدوات العصر ومناهجه وأفكاره. قُلْ لهم إنّ العلمانيين الأردنيين، ومن تقصدُ منهم تحديداً لا يعرفونَ إثارةَ الْفِتَن. فذلك يحتاجُ إلى باطنيةٍ وإفلاسٍ معرفيٍّ وسياسيِّ، لا يعرفُ العلمانيون أبجديته، ولا مفرداته، ولا لغته الفقيرة، مثل تلك التي تكتبُ بها مقالاً كوميديّاً في "عمّون".
ما الذي يُغيظكَ و "جماعتك" المعزولة في الصوت المدنيِّ الأردنيِّ. هل ننافسكَ على غنيمة. على "مُغالبةٍ في جِلْدِ مُشاركة". هل نطرحُ شعاراتٍ بأنَّ لدينا الحلول القطعية؟!
أدعوكَ، وأدعوا الذين أرسلوكَ أنْ يقفوا مع هذه البلاد مرّةً واحدة، دون انتظار الغنائم في مقاعدَ حكومية ونيابية وحظوات ومحاصصات. ثمَّ دعونا وشأننا. نَحْنُ لا نريدُ الا بلاداً آمنة ومتحضّرة. تعيشُ فيها بناتنا، ويكبرُ فيها أولادنا، وينشدون الحياةَ والفرحَ والأمل..